وَلاَ جَلَسْتُ إلى قوْمٍ أُحدّثُهُم
إلاَّ وأَنتَ حَدِيثِي بَينَ جُلاّسي
ولا شربتُ لَذيذ الماء مِنْ ظَمَإِ
إلا رَأيتُ خَيَالاً مَنكَ في الكاسِ
إن كَانَ للنَّاسِ وسوَاسٌ يُوسوِسُهُم
فَأَنتَ واللَّهِ وَسواسِي وخَنَّاسِي
لَولا نَسيمٌ بِذكراكُم أَفيقُ بهِ
لكُنتُ مُحتَرِقاً من حرِّ أَنفَاسي
٢٧٦
وقال آخر :
خَيَالُك في وَهمِي، وذَكرُكَ في فَهمِي
ومَثواكَ فِي قَلبِي، فَأَين تَغِيب ؟
قوله تعالى :﴿فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن...﴾ الآية : أدهشتهم طلعة يوسف، وجماله الباهر، وزليخا لما استمرت معه لم تفعل شيئاً من ذلك. كذلك المريد إذا استشرف على أنوارالحضرة وجمالها، أدهشته وحيرته، فلولا التأييد الإلهي ما أطاقها، فإذا صبر على صدماتها، واستمر مع تجليات أنوارها ذهب دهشه. واطمأن قلبه بشهود محبوبه من وراء أردية العز والكبرياء، وهذه هي الطمأنينة الكبرى والسعادة العظمى.
وقوله تعالى :﴿قال رب السجن أحب إليَّ﴾، هكذا ينبغي للعبد أن يكون ؛ يختار ما يبقى على ما يفنى ؛ فرب شهوة ساعة أورثت حزناً، ورب صبر ساعة أورثت نعيماً جزيلاً. وبالله التوفيق.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٧٤
قلت :(ليسجننه) : مفسر للفاعل، أي : ظهر له سجنه ؛ إذ الجملة لا تكون فاعلاً على المشهور، وجوزه بعضهم مستدلاً بالآية. وقيل : محذوف، أي : بدا لهم رأي ليسجننه. وقال الإمام القصار، الفاعل هو القسم المفهوم من اللام الموطئة له، أي : بدا لهم قسمهم ليسجننه.