وقيل : توفي قطفير ـ أي : العزيز ـ فنَصَّبه منصبه، وزوجه من زليخا بعد أن شاخت، وافتقرت، فدعا الله تعالى فرد عليها جمالها وشبابها، فوجدها عذراء وولد منها إفراثيم وميشا. ثم قال له الملك : ما ترى نصنع في هذه السنين المخصبة ؟. ﴿قال اجعلني على خزائنِ الأرض﴾ أي : أرض مصر ألى أمرها. والخزائن : كل ما يخزن فيه طعام ومال وغيرهما. ﴿إني حفيظٌ﴾ لها ممن لا يستحقها، ﴿عليم﴾ بوجوه التصرف فيها. قال البيضاوي : ولعله عليه السلام لما رأى أنه يستعمله في أمره لا محالة، آثر ما تعم فوائده وعوائده، وفيه دليل على جواز طلب التولية، وإظهار أنه مستعد لها، والتولي من يد الكافر، إذا علم أنه لا سبيل إلى إقامة الحق وسياسة الخلق إلا بالاستظهار به. وعن مجاهد : ان الملك أسلم على يديه. هـ. قلت : وقد تقدم عن الورتجبي ما يدل عليه.
وقال ابن عطية : وطلب يوسف للعمل إنما هو حسبة منه عليه السلام ؛ لرغبته أن
٢٨٦
يقع العدل، ونحو هذا هو دخول أبي بكر رضي الله عنه في الخلافة، مع نهيه المستشيرَ له من الأنصار عن أن يتأمَّر على اثنين. فجائز للفاضل أن يعمل ويطلب العمل إذا رأى ألا عوض منه. هـ. وفي " الاكتفاء في أخبار الخلفاء " : أن عمر أراد أبا هريرة على العمل، فامتنع، فقال له : أوليس يوسف خيراً منك، وقد طلب العمل ؟ فقال : يوسف نبي ابن نبي، وأنا ابن أميمَةَ، فأنا أخاف ثلاثاً واثنين : أن أقول بغير علم، وأقضي بغير عدل، وأن يضرب ظهري، ويشتم عرضي، ويؤخذ مالي. هـ.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٢٨٤


الصفحة التالية
Icon