وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : لمّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ قُتل أَخي عُمَيْرٌ، وقتلتُ سَعِيدَ بْنَ العَاصِ، وأخذتُ سَيْفَهُ وأتيتُ به رسول الله ﷺ، واستوهبته منه، فقال :" لَيْسَ هَذَا لِي، ولكن ضَعهُ في القَبض ". فَطَرحْتُهُ، وفي قلبي مَا لا يَعْلَمُهُ إِلا الله من قَتَلِ أَخِي وأَخْذِ سَلَبي، فَمَا جَاوَزْتُها إلا قليلاً حتى نزلت سُورَةُ الأَنْفَال، فقال لي رسول الله ﷺ " سَأَلَتنِي السَّيف ولَيْس لِي، وإِنّهُ قد صَارَ لِي فاذْهَبْ فَخُذْهُ ". ﴿فاتقوا الله﴾ في المشاجرة والاختلاف، ﴿وأَصلحوا ذات بينكم﴾ أي أصلحوا الحال التي بينكم بالمواساة والمواددة وسلامة الصدور، ولمساعدة فيما رزقكم الله، وتسليم أمره إلى الله تعالى ورسوله، ﴿وأطيعوا الله ورسوله﴾ فيما يأمركم به ﴿إن كنتم مؤمنين﴾ ؛ فإن الإيمان يقتضي الاستماع والاتباع، أو إن كنتم كاملي الإيمان ؛ فإن كمال الإيمان يقتضي التمسك بهذه الخصال الثلاث : امتثال الأوامر، واجتناب النواهي، وإصلاح ذات البين بالعدل والإحسان.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣
ثم ذكر شروط كمال الإيمان، فقال :﴿إنما المؤمنون﴾ الكاملون في الإيمان :﴿الذين إذا ذُكر الله وَجَلتْ قلوبُهم﴾ ؛ خافت واقشعرت لذكره ؛ استعظاماً له وهيبة من جلاله، وقيل : هو الرجل يهم بالمعصية فقال له اتق الله، فينزع عنها خوفاً من عقابه، ﴿وإِذا تُلِيت عليهم آياته﴾ القرآنية ﴿زادتهم إيماناً﴾ أي : يقيناً وطمأنينة بتظاهر الأدلة التي اشتملت عليها، أو بالعمل بموجبها. وهو دليل على أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، بناء على أن العمل داخل فيه، والتحقيق : أن العمل خارج عنه، لكن نوره يتقوى به وينقص بنقصانه أو بالمعصية وسيأتي في الإشارة الكلام عليه.