﴿وفي الأرض قِطَعٌ متجاوراتٌ﴾ ؛ قريب بعضها من بعض، مع اختلاف أوصافها، بعضها طيبة وبعضها سبخة، وبعضها رخوة وبعضها صلبة، وبعضها يصلح للزرع دون الشجر، وبعضها بالعكس، وبعضها معادن مختلفة. ولولا تخصيص قادر مخصص لتلك الأفعال، على وجهٍ دون وجه، لم يكن الحكم كذلك ؛ لاشتراك تلك القطع في الطبيعة الأرضية، وما يلزمها ويعرض لها بتوسط ما يعرض من الأسباب السماوية، من حيث إنها متضامة متشاركة في السبب والأوضاع. قاله البيضاوي :﴿وجناتٌ من أعناب وزرعٌ ونخيلٌ﴾ ؛ أي : وفي الأرض أيضاً بساتين فيها أنواع من الأعناب والزروع والنخيل، من صفة تلك النخيل :﴿صِنْوَانٌ﴾ أي : نخلات كثيرة متفرعة من أصل واحد، ﴿يُسقى بماءٍ واحد ونُفَضِّلُ بعضها على بعضٍ في الأُكُل﴾ أي : في الثمر المأكول ؛ قدراً وشكلاً، وطعماً، ورائحةً ولوناً، مع اتفاق الماء الذي تُسقى به. وذلك مما يدل أيضاً على الصانع القادر الحكيم ؛ فإن إيجادها، مع اختلاف الأصول والأسباب، لا يكون إلا بتخصيص قادر مختار. وفيه رد على الطبائعيين. ﴿إن في ذلك لآياتٍ لقوم يعقلون﴾ : يستعملون عقولهم بالتفكر
٣٢٠
والاعتبار، فيُدركون عظمة الواحد القهار.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣١٩