﴿عالمُ الغيبِ والشهادة﴾ أي : الغائب عن الحس، والظاهر فيه ﴿الكبيرُ﴾ : العظيم الشأن، الذي يصغر كل شيء دون عظمته وكبريائه، ﴿المتعال﴾ : المستعلي عن سمة الحوادث، أو : المستعلي بقدرته على كل شيء. ﴿سواءٌ منكم من أسرَّ القولَ﴾ في نفسه ﴿ومن جهر به﴾ لغيره، ﴿ومن هو مُستَخْف بالليل﴾ : طالب للخفاء مستتراً بظلمة الليل، ﴿و﴾ من هو ﴿سارب بالنهار﴾ أي : بارز فيه. فقد أحاط الله بذلك، علماً وسمعاً وبصراً. فالآية مقرره لما قبلها من كمال علمه وشموله.
﴿
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٢٣
له معقباتٌ﴾ أي : لمن أسر أو جهر، أو استخفى أو برز، ﴿معقبات﴾ : ملائكة تعتقب في حفظه، اي : يعقب بعضُها بعضاً، اثنان بالليل واثنان بالنهار، أو : لأنهم يعقبون
٣٢٤
أقواله وافعاله فيكتبونها. أو : جماعة من الملائكة وَكَّلهم الله بحفظ الآدمي، يعقب بعضُهم بعضاً، وهو مناسب لقوله :﴿يحفظونه من أمر الله﴾ أي : يحرسونه من الآفات التي تنزل من امر الله وإرادته. أو : يحفظونه من عقوبة الله وغضبه. إذا أذنب أمهلوه واستغفروا له. أو : يراقبون أحواله من أجل أمر الله، إذ أمرهم الله بذلك، أو يكون صفة للمعقبات، أي : له معقبات من أجل أمر الله، حيث أمرهم بحفظه. وقيل : الضمير في ﴿له﴾ : يعود إلى النبي ﷺ، المتقدم في قوله :﴿إنما أنت منذر﴾، فتكون نزلت فيمن اراد غدر النبي ﷺ سراً، على ما يأتي في الآية الآتية. والله تعالى أعلم.