يقول الحق جل جلاله :﴿قل﴾ يا محمد للمشركين :﴿من ربُّ السماوات والأرض﴾ أي : خالقهما، ومدبر أمرهما، ﴿قل﴾ لهم : هو ﴿الله﴾ لا خالق سواه، ولا مدبر غيره، أجاب عنهم بذلك، إذ لا جواب لهم سواه ؛ لأنهم يقرون به، ولكنهم يشركون به، فأبطل ذلك بقوله :﴿قل أفاتخذتم من دونه أولياءَ﴾ ؛ أصناماً جامدة تتولونها بالمحبة والنصرة والدفع، وهم جوامد ﴿لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً﴾ أي : لا يقدرون أن يجلبوا لأنفسهم نفعاً، ولا يدفعون عنهم ضراً، فكيف يقدرون أن ينفعوا غيرهم ممن عبدهم، أو يدفعون عنه ضراً ؟ !. وهو دليل على ضلالهم وفساد رأيهم، في اتخاذهم الأصنامَ أولياء، وجاء أن يشفعوا لهم.
﴿قل هل يستوي الأعمى والبصيرُ﴾ أي : الكافر الجاهل، الذي عميت بصيرته بالجهل والشرك، والمؤمن الموحد الذي انفتحت بصيرته بالإيمان والعلم. أو المعبود الغافل عن عبادة من عبده، والعالم بأسرار عباده. ﴿أم هل تستوي الظلماتُ والنور﴾ ؛ الكفر والإيمان، أو الجهل والعلم. ﴿أم﴾ : بل ﴿جعلوا لله شركاءَ﴾ من صفتهم، ﴿خَلقوا كخلقه فتشابه﴾ ؛ التبس ﴿الخلقُ عليهم﴾ فلم يدروا ما خلق الله مما خلق أصنامُهم،
٣٢٩
وهذا كله داخل الإنكار. والمعنى : هل خلق شركاؤهم خلقاً كخلق الله، فالتبس الخلق عليهم، فلم يُميزوا خلق الله من خلق أصنامهم، حتى ظنوا أنها تستحق أن تُعبد مع الله، أو يُطلب منها حوائج دون الله ؟ !.