قال الشيخ الشاذلي رضي الله عنه : حقيقة الذكر : ما اطمأن بمعناه القلب، وتجلّى في حقائق سحاب أنوار سمائه الرب. هـ. وقال الورتجبي : إنْ كان الإيمان من حيث الاعتقاد، فطمأنينة القلب بالذكر، وإن كان من حيث المشاهدة فطمأنينة القلوب بالله وكشف وجوده. هـ. فطمأنينة الإيمان لأهل التفكر والاعتبار من عامة أهل اليمين. وطمأنينة العيان لأهل الشهود والاستبصار من خاصة المقربين. أهل الأولى يستدلون بالأشياء على الله، وأهل الثانية يستدلون بالله على الأشياء ؛ فلا يرون إلا مظهر الأشياء. وشتان بين من يستدل به أو يستدل عليه ؛ المستدل به عرف الحق لأهله، وأثبت الأمر من وجود أصله، والاستدلال عليه من عدم الوصول إليه، وإلا فمتى غاب حتى يستدل عليه، ومتى بَعُدَ حتى تكون الآثار هي التي توصل إليه ؟ !. كما في الحِكَم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٣٧
وقال في المناجاة :" إلهي كيف يُستدل عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك ؟ !. أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك، حتى يكون هو المظهر لك ؟ ! متى غِبْتَ حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك ؟ ومتى بعدت حتى تكون الآثار هي التي توصل إليك ؟ !.
وقال الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه :" كيف يُعرف بالمعارف من به عُرفت المعارف ؟ ! أم كيف يُعرف بشيء مَنْ سَبَقَ وجودُه كلَّ شيء ؟ أي : وظهر بكل شيء ". وفي ذلك يقول الشاعر :
عَجِبْتُ لِمَنْ يَبْغِي عَلَيْكَ شَهَادَةً
وَأَنْتَ الَّذي أَشْهَدْتَهُ كُلَّ شَاهِدِ
وقال آخر :
لَقَدْ ظَهَرْتُ فَمَا تَخْفَى على أَحَدٍ
إِلاَّ عَلى أَكْمَهٍ لا يُبْصِرُ القَمَرَا
لَكِنْ بَطنْتَ بِما أَظْهَرْتَ مُحْتَجِبِاً
وكَيْفَ يُبْصِرُ مَنْ بالْعِزَّةِ اسْتَتَرَا