أو :﴿لكل أجل﴾ أي : عصر وزمان، ﴿كتاب﴾ فيه شريعة مخصوصة على ما يقتضيه استصلاحهم. ﴿يمحو الله ما يشاء﴾ : ينسخ ما يستصوب نسخه من الشرائع، ﴿ويُثبتُ﴾ ما تقتضي الحكمة عدم نسخه. ﴿وعنده أم الكتاب﴾ وهو : اللوح المحفوظ ؛ فإنه جامع للكائنات. وهذا يترتب على قوله :﴿ومن الأحزاب من ينكر بعضه﴾، وهو ما لا يوافق شريعتهم. قال سيدي عبد الرحمن الفاسي :﴿يمحو الله ما يشاء﴾ ما يستصوب نسخه، ﴿ويُثبت﴾ ما تقتضيه حكمته، فلا ينكر مخالفته للشرائع في بعض الأحكام مع موافقته للحكم، وهو الأصول الثابتة في أصول الشرائع، ولذا قال :﴿وعنده أمُّ الكتاب﴾ أي : لا يبدل. هـ. وقريب منه للبيضاوي.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٤٦
وقيل : إن المحو والإثبات عام في جميع الأشياء. قال ابن جزي : وهذا ترده القاعدة المتقررة بأن القضاء والقدرلا يتبدل، وعلم الله لا يتغير. هـ. قلت : أما القضاء المبرم، وهو : علم الله القديم الذي استأثر الله به، فلا شك أنه لا يتبدل ولا يغير، وأما القضاء الذي يبرز إلى علم الخلائق من الملائكة وغيرهم، فيقع فيه المحو والإثبات، وذلك أن الحق تعالى قد يُطلعهم على بعض الأقضية، وهي عنده متوقفة على أسباب وشروط يخفيها عنهم بقهريته، ليظهر اختصاصه بالعلم الحقيقي، فإذا أراد الملائكة أن ينفذوا ذلك الأمر محاه الله تعالى، وأثبت ما عنده في علم غيبه، وهو أُمُّ الكتاب، حتى قال بعضهم : إن اللوح الكحفوظ له جهتان : جهة تلي عالَم الغيب، وفيه القضاء المبرم، وجهة تلي عالَم الشهادة، وفيه القضاء الذي يُرد ويُمْحى ؛ لأنه قد تكتب فيه أمور، وهي متوقفة على شروط
٣٤٧