﴿وقد مَكَرَ الذين من قَبلهم﴾ بأنبيائهم، وبمن تبعهم، ﴿فللَّهِ المكر جميعاً﴾، إذ لا يُؤبه بمكرٍ دون مكره، فإنه القادر على ما هو المقصود منه ودون غيره. سَمَّى العقوبة باسم الذنب ؛ للمشاكلة، ﴿يعلم ما تكسب كل نفس﴾ فينفذ جزاؤها. ﴿وسيعلم الكافر﴾ أي : جنس الكافر، بدليل قرأءة :" الكفار "، ﴿لِمَنْ﴾ هي ﴿عُقْبَى الدار﴾ أي : لمن تكون العاقبة في الدارين، دار الفناء، ودار البقاء، هل لأهل الإسلام المعد لهم دار السلام ؟ أو للكفار المعد لهم دار البوار ؟. قال البيضاوي : وهذا كالتفسير لمكر الله بهم، واللام تدل على أن المراد بالعُقبى العاقبة المحمودة، مع ما في الإضافة إلى الدار كما عرفت. هـ.
﴿
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٥٠
ويقول الذين كفروا﴾ من رؤساء اليهود :﴿لستَ مرسلاً﴾، ولم نجد لك ذكراً في كتابنا، ولا ما يشهد لك عندنا. قال تعالى :﴿قل﴾ لهم :﴿كفى بالله شهيداً بيني وبينكم﴾ ؛ فإنه أظهر من الأدلة على رسالتي ما يغني عن شاهد يشهد عليها منكم، ولا من غيركم. ﴿و﴾ يشهد لي أيضاً :﴿مَنْ عنده عِلمُ الكتاب﴾ الأول ؛ العلم الحقيقي، كعبد
٣٥١
الله بن سلام، ومن أسلم من اليهود والنصارى الذين علموا صفته ﷺ من التوراة والإنجيل، وعلماء المؤمنين الذين عندهم علم القرآن، وما احتوى عليه من النظم المعجز، والعلوم الغيبية الدالة على نبوته صلى الله عليه وسلم. أو علم اللوح المحفوظ إلا هو، شهيداً بيننا. ويؤيده قراءة من قرأ :" ومَنْ عِنْدِهِ " ؛ بكسر الميم. وعلم الكتاب، على الأول : مرفوع بالظرف ؛ فإنه معتمد على الموصول. ويجوز أن يكون مبتدأ، والظرف خبره. وهو متعين على الثاني. قاله البيضاوي.