قلت : جواب (لو) محذوف أي : لرأيت أمراً عظيماً، و(الملائكة) : فاعل (يتوفى) فلا يوقف على ما قبله، ويرجحه قراءة ابن عامر بالتاء، ويجوز أن يكون الفاعل ضمير (الله)، و (الملائكة) مبتدأ، و (يضربون) : خبر، والجملة : حال من (الذين كفروا)، والرابط : ضمير الواو، وعلى هذا فيوقف على ما قبله، وعلى الأول (يضربون) : حال من الملائكة، (وذُوقوا) : عطف على (يضربون) على حذف القول، أي : ويقولون ذوقوا. و (ذلك) : مبتدأ، (بما قدمت) : خبر، و (أن الله) : عطف على " ما " ؛ للدلالة على أن مقيدة بانضمامه إليه. انظر البيضاوي.
يقول الحق جل جلاله :﴿ولو ترى﴾ يا محمد، أو يا من تصح منكم الرؤية، حال ﴿الذين كفروا﴾ حين تتوفاهم ﴿الملائكةُ﴾ ببدر، أو مطلقاً، وهم ﴿يضربون وجوهَهُم وأدبارَهم﴾، أو حين يتوفاهم الله ويقبض أرواحهم، حال كونهم الملائكة يضربون وجوههم وظهورهم، أو أستاهَهُم، لرأيت أمراً فظيعاً. ﴿و﴾ يقولون لهم :﴿ذُوقوا﴾ أي : باشروا ﴿عذابَ الحريق﴾ يوم القيامة ؛ بشارة لهم بما يلقون من العذاب في الآخرة. وقيل : تكون معهم مقامع من حديد، كلما ضربوا التهبت النار منها، ﴿ذلك﴾ العذاب إنما وقع بكم ﴿بما﴾ ؛ بسبب ﴿قدمت أيديكم﴾ أي : بما كسبتم من الكفر والمعاصي، ﴿وأَنَّ الله ليس بظلام للعبيد﴾ ؛ حتى يعذب بلا سبب، أو يهمل العباد بلا جزاء.
الإشارة : قد ذكر الحق جل جلاله حال الكاملين في العصيان في هذه الآية، وذكر في سورة النحل الكاملين في الطاعة بقوله :﴿الَّذِينَ تَتَوَفّاَهُمُ المَلائَكَةُ طَيِّبِين﴾ [النحل : ٣٢] الآية، وسكت عن المخلطين، ولعلهم يرون طرفاً من هذا أو طرفاً من هذا، والله تعالى أعلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٦
قلت :(كدأب) : خبر عن مضمر، أي : دأب هؤلاء مثل دأب آل فرعون، وهو عملهم وطريقتهم، التي دأبوا فيها، أي : داموا عليها (ذلك) ؛ مبتدأ، و(بأنَّ الله) : خبر، وقال سيبويه : خبر، أي : الأمر ذلك، والفاء سببية.