وقرة عين في الذرية : أن يكونوا على الاستقامة في الدين، وسلوك منهاج الصالحين. وكل ما أتوا به من الطاعة والإحسان فللوالدين حظ ونصيب من ذلك، ولا فرق بين الولد الروحاني والبشري، وفي ذلك يقول الشاعر :
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٨٠
والمَرْءُ في ميزانه أَتْبَاعُهُ
فاقْدِرْ إذنْ قَدْرَ النبيّ مُحَمَّدِ
والله تعالى أعلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٨٠
قلت :(يوم يأتيهم) : مفعول ثانٍ لأَنذِر، ولا يصح أن يكون ظرفاً. و(نُجبْ دعوتك) ؛ جواب الأمر.
يقول الحق جل جلاله :﴿ولا تحسبنَّ﴾ أيها السامع، أن ﴿اللَّهَ غافلاً عما يعملُ الظالمون﴾، أو أيها الرسول، بمعنى : دُمْ على ما أنت عليه من أن الله مطلع على أفعالهم، لا تخفى عليه خافية، غير غافل عنهم. وهو وعيد بأنه معاقبهم على قليله وكثيره لا محالة. وقيل : إنه تسلية للمظلوم ؛ وتهديد للظالم ؛ فالحق تعالى يمهل ولا يهمل. ﴿إنما يؤخرهم﴾، أي : يؤخر عذابهم ﴿ليوم تشخص فيه الأبصارُ﴾، أي : تحد فيه النظر، من غير أن تطرف ؛ من هول ما ترى.
﴿مُهطعين﴾ : مسرعين إلى الداعي ؛ مذلة واستكانة، كإسراع الأسير والخائف ونحوه، أو مقبلين بأبصارهم، لا يطرفون ؛ هيبة وخوفاً، ﴿مُقنعي رؤوسهم﴾ رافعيها إلى السماء كرفع الإبل رأسها عند رعيها أعالي الشجر. وذلك من شدة الهول، أو من أجل الغل الذي في عنقه، كقوله ﴿إِنَّا جَعَلْنَا فِيا أَعْناقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِىَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ﴾ [يس : ٨]. وقال الحسن في هذه الآية : وجوه الناس يوم القيامة إلى السماء لا ينظر أحد إلى أحد. هـ. ﴿لا يرتدُّ إليهم طرفهم﴾، بل تقف أعينهم شاخصة لا تطرف، أو : لا يرجع إليهم نظرهم فينظروا إلى أنفسهم، ﴿وأفئدتهم هواء﴾ : خلاء، محترقة، فارغة من الفهم، لا تعي شيئاً ؛ لفرط الحيرة والدهشة. ومنه يُقال للأحمق وللجبان : قلبه هواء،
٣٨١


الصفحة التالية
Icon