﴿كذلك نَسْلُكُه﴾ أي : ندخل الاستهزاء ﴿في قلوب المجرمين﴾. والسلك : إدخال الشيء كالخيط في المخيط، وفيه دليل على أنه تعالى يخلق الباطل دليل على أنه تعالى يخلق الباطل في قلوبهم. وإذا سلك في قلوبهم التكذيب ﴿لا يؤمنون به﴾ أبداً. أو : نسلكه، أي : القرآن ؛ مستهزءاً به، أي : مثل ذلك السلك نسلك الذكر في قلوب المجرمين ؛ مُكَذَّباً غير مؤمن به، ثم هددهم على عدم الإيمان به، فقال :﴿وقد خلت سُنَّةُ الأولين﴾ أي : تقدمت طريقتهم على هذه الحالة من الكفر والاستهزاء، حتى هلكوا بسبب ذلك، أو مضت سنته في الأولين بإهلاك من كذب الرسل منهم، فيكون وعيداً لأهل مكة.
﴿ولو فتحنا عليهم﴾ أي : على هؤلاء المقترحين المعاندين من كفار قريش، ﴿باباً من السماء فظلوا فيه يعرجُون﴾ : يصعدون إليها، ويرون عجائبها طول نهارهم، لكذبوا، أو فظلت الملائكة يعرجون فيها وهم يشاهدونهم لقالوا ؛ من شدة عنادهم وتشكيكهم في الحق :﴿إنما سُكِّرتْ﴾ : حيرت ﴿أبصارُنا﴾، فرأينا الأمر على غير حقيقته ؛ من أجل السكر الذي أصابنا بالسحر.
ويحتمل أن يكون مشتقاً من السَكر بفتح السين، وهو السد، أي : سُدَّت أبصارنا، ومُنعنا من الرؤية الحقيقية. ﴿بل نحن قوم مسحورون﴾ ؛ سحرنا محمد، كما قالوا عند ظهور غيره من الآيات. قال البيضاوي : وفي كلمتي الحصر والإضراب دلالة على جزمهم بأن ما يرونه لا حقيقة له، بل هو باطل خُيّل ما خيل لهم بنوع من السحر. هـ. وذلك من فرط عنادهم، وشقاوتهم. والعياذ بالله.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣٨٩


الصفحة التالية
Icon