أو : آتيناك القرآن، وأنزلناه عليك كما أنزلنا التوراة على المقتسمين، وهم اليهود، ﴿الذين جعلوا القرآن عِضين﴾، أي : أجزاء متفرقة، وقالوا فيه أقوالاً مختلفة، فقالوا ؛ عناداً وكفراً : بعضه موافق للتوراة والأنجيل، وبعضه باطل مخالف لهما. وإذا قلنا المقتسمين : هم كفارقريش، حيث اقتسموا أبواب مكة، فقد جعلوا القرآن عضين ؛ إجزاء متفرقة، فقد قسموه إلى شعر وسحر وكهانة وأساطير الأولين، أو جعلوه بهتاناً متعدداً، على تفسير العضة بالبهت. وفي الحديث :" لعن رسول الله ﷺ العاضهة والمستعضهة " أي : الباهتة، والمستبهتة : الطالبة له.
قال تعالى في وعيد المقتسمين :﴿فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون﴾ من التقسيم والتكذيب، أو عن كل ما عملوه من الكفر والمعاصي، وفي البخاري :" لنسألنهم
٤١٢
عن لا إله إلا الله ". فإن قيل : كيف يجمع بين هذا وبين قوله ﴿فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ﴾ [الرحمن : ٣٩] فالجواب : أن السؤال المثبت هو على وجه الحساب والتوبيخ، والسؤال المنفي هو على وجه الاستفهام المحض ؛ لأن الله تعالى يعلم الأعمال، فلا يحتاج إلى سؤال. وقيل : في القيامة مواطن وخوارق، فموطن يقع فيه السؤال، وموطن يذهب بهم إلى النار بغير سؤال.