الإشارة : الانفال الحقيقة هي المواهب التي ترد على القلوب، من حضرة الغيوب ؛ من العلوم اللدنية والأسرار الربانية، لا تزال تتوالى على القلوب، حتى تغيب عما سوى المحبوب، فيستغني غناء لا فقر معه أبداً، وهذه غنائم خصوص الخصوص، وغنائم الخصوص : هي القرب من الحبيب، ومراقبة الرقيب، بكمال الطاعة والجد والاجتهاد، وهذه غنائم العباد والزهاد، وغنائم عوام أهل اليمين : مغفرة الذنوب، والستر على العيوب، والنجاة من النار، ومرافقة الأبرار، وفي الحديث عنه ﷺ أنه قال :" مَنْ قَالَ عِندَ نَوْمِهِ : أسْتَغْفِر اللِّه َالعَظِيمَ الذي لا إله إلاّ هُوَ الحَيُّ القَيّومَ وَأَتُوبُ إِليْهِ، غَفَرَ الله ذُنُوبَهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَد البَحَرِ، وعَدَدَ أَيَّامِ الدُّنْيَا ". قال الشيخ زروق : وهذه هي الغنيمة الباردة، وهذه الأمور بيد الله وبواسطة رسول الله ﷺ وهو معنى قوله ﴿قل الأنفال لله والرسول﴾ ثم دل على موجباتها فقال :﴿فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم...﴾ الآية، وقوله تعالى :﴿زادتهم إيماناً﴾ : اعْلم أن الإيمان على ثلاثة أقسام : إيمان لا يزيد ولا ينقص وهو إيمان الملائكة، وإيمان يزيد وينقص، وهو إيمان عامة المسلمين، وإيمان يزيد ولا ينقص وهو إيمان الأنبياء والرسل، ومن كان على قدمهم من العارفين الروحانيين الراسخين في علم اليقين، ومن تعلق بهم من المريدين السائرين، بالطاعة والمعصية ؛ لتيقظهم وكمال توحيدهم، وفي الحكم :" وربما قضى عليك بالذنب فكان سبب الوصول " وقال أيضاً :" معصية أورثت ذلاً وافتقاراً خير من طاعة أورثت عزاً واستكباراً " والله تعالى أعلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٣
قلت :﴿كما أخرجك﴾ خبر عن مبتدأ محذوف، أي : هذه الحال، وهي عزلهم عن تولية الأَنفال في كراهتهم لها، كحال إخراجك في الحرب في كراهتهم لها، أو حالهم