الإشارة : وقد وقع التبرؤ من أهل الشرك مطلقاً، أما الشرك الجلي فقد تبرأ منه الإسلام والإيمان، وأما الشرك الخفي فقد تبرأ منه مقام الإحسان، ولا يدخل أحدٌ مقام الإحسان حتى لا يعتمد على شيء، ولا يستند إلى شيء، إلا على من بيده ملكوت كل شيء، فيطرح الأسباب وينبذ الأرباب، ويرفض النظر إلى العشائر والأصحاب، حتى لا يبقى في نظره إلا الكريم الوهاب، فمن أصرَّ على شوكه الجلي أو الخفي فإن الله يمهل ولا يهمل، فلا بد أن يلحقه وباله : إما خزي في الدنيا، أو عذاب في الآخرة، كل على ما يليق به.
وقال القشيري : إنْ قَطَعَ عنهم الوصلة فقد ضَرَبَ لهم مدةً على وجه المُهْلَةِ، فأَمَّنهُم في الحَالِ ؛ ليتأهبوا لتَحمُّل مقاساةِ البراءةِ فيما يستقبلونه في المآلِ. والإشارةُ فيه : أنهم إنْ أقلعوا في هذه المهلة عن الغَيِّ والضلال، وجدوا في المآل ما فقدوا من الوصال. وإنْ أبَوْا إلا التمادي في تَرْكِ الخدمة والحرمة، انقطع ما بينه وبينهم من الوصلة. هـ. والله تعالى أعلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٥١
قلت :(وأذان) : مبتدأ، أو خبر، على ما تقدم في براءة، وهو فَعال بمعنى إفعال ؛ كالعطاء بمعنى الإعطاء، أي : وإعلام من الله ورسوله واصل إلى الناس، ورفع " رسوله " ؛ إما عطف على ضمير برئ، أو على محل " إن " واسمها، أو مبتدأ حُذف خبره، أي : ورسوله كذلك.
يقول الحق جل جلاله :﴿وأذانٌ من الله ورسوله﴾ واصل إلى الناس، ويكون ﴿يومَ الحج الأكبر﴾ وهو يوم النحر ؛ لأن فيه تمام الحج ومعظم أفعاله، ولأن الإعلام كان فيه. ولما روي أنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ وقف يوم النحر، عند الجمرات، في حجة الوداع فقال :" هذا يوم الحج الأكبر "، وقيل : يوم عرفة ؛ لقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ
٥٣
:" الحج عرفة " ووصف الحج بالأكبر ؛ لأن العمرة تسمى الحج الأصغر.