قلت : السقاية والعمارة : مصدران، فلا يشبهان بالجثة، فلا بد من حذف، أي : أجعلتم أهل سقاية الحاج كمن آمن، أو جعلتم سقاية الحاج كإيمان من آمن.
يقول الحق جل جلاله :﴿أجعلتُم﴾ أهل ﴿سِقَايةَ الحاجِّ، و﴾ أهل ﴿عمارة المسجدِ الحرام﴾ من أهل الشرك المحبطة أعمالُهم، ﴿كمن آمن باللَّهِ واليوم الآخر﴾ من أهل الإيمان، ﴿وجاهَد في سبيل الله﴾ ؛ لإعلاء كلمة الله، المثبتة أعمالهم، بل ﴿لا يستوون عند الله﴾ أبداً ؛ لأن
٦٢
أهل الشرك الذين حبطت أعمالهم في أسفل سافلين، إن لم يتوبوا، وأهل الإيمان والجهاد في أعلى عليين.
ونزلت الآية في علي ـ كرم الله وجهه ـ والعباس وطلحة بن شيبة، افتخروا، فقال طلحة : أنا صاحب البيت، وعندي مفاتحه، وقال العباس : أنا صاحب السقاية، وقال علي رضي الله عنه : لقد أسلمت وجاهدت مع رسول الله ﷺ، فبيَّن الله تعالى أن الإيمان والجهاد أفضل، ووبخ من افتخر بغير ذلك فقال :﴿والله لا يهدي القوم الظالمين﴾ أي : الكفرة الذين ظلموا أنفسهم بالشرك، ومعاداة الرسول ﷺ، وداموا على ذلك، وقيل : المراد بالظالمين : الذين يسوون بينهم وبين المؤمنين.
ثم أكد بقوله :﴿الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظمُ درجةً﴾، وأعلى رتبة، وأكثر كرامة، ﴿عند الله﴾، ممن لم يستجمع هذه الصفات، أو من أهل السقاية والعمارة عندكم، ﴿وأولئك هم الفائزون﴾ بكل خير، الظافرون بنيل الحسنى والزلفى عند الله، دون من عداهم ممن لم يفعل ذلك.