قال الورتجبي : قوله تعالى :﴿ثم أنزل الله سكينتة على رسوله﴾، سكينته ـ عليه الصلاة والسلام ـ زيادة أنوار كشف مشاهدة الله، له، حين خاف من مكر الأزل، فأراه الله اصطفائيته الأزلية، وأمنة من مكره، لا أنه ينظر من الحق إلى نفسه طرفة عين، لكن إذا غاب في بحر القدم لم ير للحدث اثراً، ورأى الحدثان متلاشية في فيض العظمة، ففزع منه به، فآواه الله منه إليه، حتى سكن به عنه. هـ.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ٦٤
يقول الحق جل جلاله :﴿يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نَجَس﴾ أي : عين الخبث، مبالغة في خبثهم، إما لخبث باطنهم بالكفر، أو لأنهم لا يتطهرون من النجاسات، ولا يتوقون منها، فهم ملابسون لها غالباً. وعن ابن عباس رضي الله عنه : أن أعيانهم نجسة كالكلاب. قاله البيضاوي. ﴿فلا يقربوا المسجدَ الحرام﴾، وهو نص على منع المشركين ـ وهم عبدة الأوثان ـ من المسجد الحرام، وهو مجمع عليه، وقاس مالك
٦٦
على المشركين جميع الكفار من أهل الكتاب وغيرهم، وقاس على المسجد الحرام سائر المساجد، ومنع جميع الكفار من جميع المساجد.
وجعلها الشافعي عامة في الكفار، خاصةً بالمسجد الحرام، فمنع جميع الكفار من دخول المسجد الحرام خاصة، وأباح دخول غيره، وقصرها أبو حنيفة على موضع النهي، فمنع المشركين خاصة من دخول المسجد الحرام وأباح لهم سائر المساجد، وأباح دخول أهل الكتاب في المسجد الحرام وغيره. قاله ابن جزي.
قوله تعالى :﴿بعدَ عامهم هذا﴾ يعني : سنة تسع من الهجرة، حين حج أبو بكر بالناس، وقرأ عليٌّ رضي الله عنه عليهم سورة براءة.