وقيل : المعنى :﴿ولا تجهر بصلاتك﴾ كلها، ﴿ولا تُخافت بها﴾ بأسرها، ﴿وابتغِ بين ذلك سبيلاً﴾ ؛ بالمخافتة نهارًا والجهر ليلاً. وقيل :﴿بصلاتك﴾ ؛ بدعائك. وذهب قوم إلى أنها منسوخة ؛ لزوال علة السب واللغو ؛ بإظهار الدين وإخفاء الشرك وبطلانه ؛ فالحمد لله على ذلك كما قال تعالى :﴿وقل الحمدُ لله الذي لم يتخذ ولدًا﴾ كما يزعم اليهود والنصارى وبنو مدلج ؛ حيث قالوا : عُزير ابن الله، والمسيح ابن الله، والملائكة بنات الله. تعالى الله عن قولهم علوًا كبيرًا، ﴿ولم يكن له شريك في الملك﴾ ؛ في الألوهية ؛ كما تقول الثنوية القائلون بتعدد الآلهة. ﴿ولم يكن له وَلِيٌّ من الذُّلِّ﴾ أي : لم يكن له ناصر ينصره ﴿من الذُّل﴾ أي : لم يذل فيحتاج إلى ولي يُواليه ؛ ليدفع ذلك عنه. وفي التعرض في أثناء الحمد لهذه الصفات الجليلة ؛ إيذان بأن المستحق للحمد من هذه نعوته، دون غيره ؛ إذ بذلك يتم الكمال، وما عداه ناقص حقير، ولذلك عطف عليه :﴿وكبِّره تكبيرًا﴾ عظيمًا، وفيه تنبيه على أن العبد وإن بالغ في التنزيه والتمجيد، واجتهد في العبادة والتحميد، ينبغي أن يعترف بالقصور عن حقه في ذلك. رُوي أنه عليه الصلاة والسلام كان إذا أفصح الغلام من بني عبد المطلب علَّمه هذه الآية :(وقل الحمد لله...) الخ. والله تعالى أعلم.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٣٥


الصفحة التالية
Icon