وقوله تعالى :﴿يريدون وجهه﴾، بيَّن أن دعاءهم وسؤالهم إنما هو رؤيته ولقاؤه، شوقًا إليه ومحبة فيه، من غير تعلق بغيره، أو شُغل بسواه، بل همتهم الله لا غيره، وإِلاَّ لَمَا صدق قصر إرادتم عليه. قال في الإحياء : من يعمل اتقاء من النار خوفًا، أو رغبة في الجنة رجاء، فهو من جملة النيات الصحيحة ؛ لأنه ميل إلى الموعود في الآخرة، وإن كان نازلاً بالإضافة إلى قصد طاعة الله وتعظيمه لذاته ولجلاله، لا لأمرٍ سواه. ثم قال : وقول رويم : الإخلاص : ألا يريد صاحبه عليه عوضًا في الدارين، هو إشارة لإخلاص الصدِّيقين، وهو الإخلاص المطلق، وغيره إخلاص بالإضافة إلى حظوظ العاجلة. هـ. من الحاشية.
١٥٧
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٥٦
قلت :﴿الحق﴾ : خبر، أي : هذا الذي أُوحي إليَّ الحقُّ.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿وقل﴾ : يا محمد لأولئك الغافلين المتبعين أهواءهم، أو : لمن جاءك من الناس : هذا الذي جئتكم به من عند ربي هو ﴿الحقُّ من ربكم﴾ أي : من جهة ربكم، لا من جهتي، حتى يتصور فيه التبديل، أو يمكن التردد في اتباعه. ﴿فمَن شاء فليؤمن ومَن شاء فليكفرْ﴾، وهو تهديد، أي : فمن شاء أن يؤمن فليؤمن كسائر المؤمنين، ولا يتعلل بما لا يكاد يصلح للتعليل، ومن شاء أن يكفر فليفعل، وفيه مع التهديد الاستغناء عن متابعتهم، وعدم المبالاة بهم وبإيمانهم.