﴿المالُ والبنونَ زينةُ الحياةِ الدنيا﴾ أي : مما تذروه رياح الأقدار، ويلحقه الفناء والبوار، ويدخل في الزينة : الجاهُ، وجميعُ ما فيه للنفس حظ ؛ فإنه يفنى ويبيد، ثم ذكر ما لا يفنى فقال :﴿والباقياتُ الصالحاتُ﴾ ؛ وهي أعمال الخير بأسرها، أو : الصلوات الخمس، أو :" سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر "، زاد بعضهم :" ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ". قال عليه الصلاة والسلام :" هي من كنز الجنة، وصفايا الكلام، وهن الباقيات الصالحات، يأتين يوم القيامة مقدمات ومعقبات ". أو : الهمات العالية والنيات الصالحة ؛ إذ بها ترفع الأعمال وتُقبل. أو : كل ما أريد به وجه الله، وسميت باقيةً : لبقاء ثوابها عند فناء كل ما تطمح إليه النفس من حظوظ الدنيا وزينتها الفانية.
١٦٥
قال في الإحياء : كل ما تذروه رياح الموت فهو زهرة الحياة الدنيا، كالمال والجاه مما ينقضي على القرب، وكل ما لا يقطعه الموت فهو الباقيات الصالحات، كالعلم والحرية ؛ لبقائهما ؛ كمالاً فيه، ووسيلة إلى القرب من الله تعالى، أما الحرية من الشهوات فتقطع عن غير الله، وتجرده عن سواه، وأما العلم الحقيقي فيفرده بالله ويجمعه عليه. هـ.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٦٥


الصفحة التالية
Icon