يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿ثم أتْبَعَ﴾ ذو القرنين ﴿سببًا﴾ : طريقًا ثالثًا بين المشرق والمغرب، سالكًا من الجنوب إلى الشمال، ﴿حتى إذا بلغ بين السدين﴾ : بين الجبلين،
١٩٥
اللذين سُدَّ ما بينهما، وهو منقطع أرض الترك، مما يلي المشرق، لا جبال أرمينية وأذربيجان، كما توهم، وفيه لغتان : الضم والفتح، وقيل : ما كان من فعل الله فهو مضموم، وما كان من عمل الخلق فهو مفتوح. ﴿وجد من دونهما﴾ أي : من ورائهما : مما يلي بر الترك، ﴿قومًا﴾ : أمة من الناس ﴿لا يكادون يفقهون﴾ : يفهمون ﴿قولاً﴾ ؛ لغرابة لغتهم، وقلة فطنتهم، وقرئ بالضم ؛ رباعيًا، أي : لا يُفصحون بكلامهم، واختلف فيهم، قيل : هم جيل من الترك ؛ قال السدي : الترك سُرْبة من يأجوج ومأجوج، خرجت، فضرب ذو القرنين السد، فبقيت خارجة. قلت : ولعلهم طلبوا منه ذلك، حين اعتزلوا قومهم، ثم قال : فجميع الترك منهم. وعن قتادة : أنهم، - أي : يأجوج ومأجوج - اثنتان وعشرون قبيلة، سد ذو القرنين على إحدى وعشرين، وبقيت واحدة، فسُموا الترك ؛ لأنهم تُرِكُوا خارجين. قال أهل التاريخ : أولاد نوح عليه السلام ثلاثة : سام وحام ويافث، فسام أَبو العرب والعجم والروم، وحام أبو الحبشة والزنج والنوبة، ويافث أبو الترك والخرز والصقالبة ويأجوج ومأجوج. هـ.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٩٥
وقُرِئ بالهمز فيهما ؛ لأنه من أجيج النار، أي : ضوؤها وشررها، شُبهوا به في كثرتهم وشدتهم، وهو غير منصرف ؛ للعجمة والعلَمية.


الصفحة التالية
Icon