وانظر الثعلبي.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٠٣
الإشارة : إن الذين آمنوا إيمان الخصوص، وعملوا عمل الخصوص - وهو العمل الذي يقرب إلى الحضرة - كانت لهم جنة المعارف نُزلاً، خالدين فيها لا يبغون عنها حولاً ؛ لأنَّ من تمكن من المعرفة لا يُعزل عنها، بفضل الله وكرمه، كما قال القائل :
مُذْ تَجَمَّعْتْ مَا خَشيتُ افْتِراقًا
فأَنّا اليَوْمَ وَاصلٌ مَجْمُوعُ
ثم يترقون في معاريج التوحيد، وأسرار التفريد، أبدًا سرمدًا، لا نهاية ؛ لأن ترقيتهم بكلمة القدرة الأزلية، وهي كلمة التكوين، التي لا تنفد ؛ ﴿قل لو كان البحر مدادًا لكلمات ربي...﴾ الآية. هذا مع كون وصف البشرية لا يزول عنهم، فلا يلزم
٢٠٥
من ثبوت الخصوصية عدم وصف البشرية. قل : إنما أنا بشر مثلكم يُوحى إليّ وحي إلهام، ويلقى في رُوعي أنما إلهكم إله واحد، لا ثاني له في ذاته ولا في أفعاله، فمن كان يرجو لقاء ربه في الدنيا لقاء الشهود والعيان، ولقاء الوصول إلى صريح العرفان ؛ فليعمل عملاً صالحًا، الذي لا حظ فيه للنفس ؛ عاجلاً ولا آجلاً، ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا، فلا يقصد بعبادته إلا تعظيم الربوبية، والقيام بوظائف العبودية، والله تعالى أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليمًا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
٢٠٦
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٠٣


الصفحة التالية
Icon