الإشارة : قد وصف الحق - جل جلاله - نبيه إسماعيل بثلاث خصال، بها كان عند ربه مرضيًا، فمن اتصف بها كان مرضيًا مقربًا : الوفاء بالوعد، والصدق في الحديث ؛ لأنه مستلزم له، وأمر الناس بالخير. أما الوفاء بالعهد فهو من شيم الأبرار، قد مدح الله تعالى أهله، ورغَّب فيه وأمر به، قال تعالى :﴿وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ﴾ [البَقَرَة : ١٧٧]. وقال تعالى :﴿وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ﴾ [النّحل : ٩١]، فإخلاف الوعد من علامة النفاق، قال ﷺ :" آية المنافق ثلاث : إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان " وخلف الوعد إنما يضر إذا كان نيته ذلك عند عقده، أو فرط فيه، وأما إن كان نيته الوفاء، ثم غلبته المقادير، فلا يضر، لا سيما في حق أهل الفناء، فإنهم لا حكم لهم على أنفسهم في عقد ولا حل، بل هم مفعول بهم، زمامهم بيد غيرهم، كل ساعة ينظرون ما يفعل الله بهم، فمثل هؤلاء لا ميزان عليهم في عقد ولا حل. فمثلهم مع الحق كمثل الأطفال المحجر عليهم في التصرف، ولذلك قالوا :(الصوفية أطفال في تربية الحق تعالى). فإياك أن تطعن على أولياء الله إذا رأيت منهم شيئًا من ذلك، والتمس أحسن المخارج، وهو ما ذكرته لك، فإنه عن تجربة وذوق. والله تعالى أعلم.
٢٣٢
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٣١
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿واذكر في الكتاب إِدريس﴾ وهو سبط شيث، وجَدّ أبي نوح، فإنه نوح بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ، وهو إدريس عليه السلام، واشتقاقه من الدرس ؛ لكثرة دراسته لما أوحي إليه، وكثرة ذكره لله تعالى.