رُوِيَ عن كعب وغيره في سبب رفعه أنه مشى ذات يوم في حاجته، فأصابه وهج الشمس وحرها، فقال : يا رب أنا مشيت يومًا، فكيف بمن يحملها مسيرة خمسمائة عام في يوم واحد! اللهمَّ خَفِّفْ عنه من ثقلها، واحمل عنه حرها، فلما أصبح الملَك وجد من خفة الشمس وحرها ما لا يعرف، فقال : يا رب كلفتني بحمل الشمس، فما الذي قضيت فيه ؟ فقال : إن عبدي إدريس سألني أن أُخفف عنك حملها وحرّها فأجبته، قال : يا رب اجعل بيني وبينه خُلَّة، فأذن له، حتى أتى إدريس، فقال له إدريس : أخبرت أنك
٢٣٣
أكرم الملائكة عند مَلَك الموت، فاشفع لي ليؤخر أجلي، لأزداد شكرًا وعبادة، فقال له الملك : لا يؤخر الله نفسًا إذا جاء أجلها، فقال : قد علمت ذلك، ولكنه أطيب لنفسي، قال : نعم، ثم حمله ملك الشمس على جناحه فرفعه إلى السماء. رُوي أنه مات هناك وردت إليه روحه بعد ساعة، فهو في السماء الرابعة حي. وهذه قصص الله أعلم بصحتها. وبالله التوفيق.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٣٣
الإشارة : ارتفاع المكان والشأن يكون على قدر صفاء الجنان، والإقبال على الكريم المنان، فبقدر التوجه والإقبال يكون الارتفاع والوصال.
بقدر الكد تكسب المعالي
وَمَنَ رَامَ العُلا سَهِرَ الليالي
أتبغي العز ثم تنام ليلاً
يَغُوصُ البحر منَ طلب اللآلي
قال بعضهم : من عامل الله على بساط الأنس : رفع، لا محالة، إلى حضرة القدس. وبالله التوفيق.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٣٣