وعن ابن مسعود : الضمير في ﴿واردها﴾ للقيامة، وحينئذ فلا يعارض :﴿لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيَسَهَا﴾ [الأنبياء : ١٠٢]، ولا ما جاء فيمن يدخل الجنة بغير حساب، ولا مرور على الصراط، فضلاً عن الدخول فيها، على أنه اختلف في الورود، فقيل : الدخول وتكون بردًا وسلامًا على المؤمن. وقيل : المرور كما تقدم، وقيل : الإشراف عليها والاطّلاع. قال القشيري : كلٌّ يَرِدُ النارَ، ولكن لا ضيْرَ منها ولا إحساس لأحدٍ إلا بمقدار ما عليه من السيئات، والزلل، فأشدُّهم فيها انهماكًا : أشدهم فيها بالنار اشتعالاً واحتراقًا، وأما بريء الساحة، نقي الجانب بعيد الذنوب، فكما في الخبر :" إن النار عند مرورهم ربوة كربوة اللَّبَن - أي : جامدة كجمود اللبن حين يسخن - فيدخلونها ولا يحسون بها، فإذا عبروها قالوا : أليس قد وعدنا جهنم على الطريق ؟ فيقال لهم : عبرتم وما شعرتم ". هـ.
﴿كان على ربك حتمًا مقضيًّا﴾ أي : كان وُرودهم إياها أمرًا محتومًا أوجبه الله تعالى على ذاته، وقضى أنه لا بد من وقوعه. وقيل : أقسم عليه، ويشهد له :" إلا تحلة القسم ".
﴿ثم نُنَجِّي الذين اتقوا﴾ الكفرَ والمعاصي، بأن تكون النار عليهم بردًا وسلامًا، على تفسير الورود بالدخول، وعن جابر أنه قال : سمعت النبي ﷺ يقول :" الوُرودُ الدُّخولُ، لا يَبْقَى بَرٌّ ولا فَاجِرٌ إِلاَّ دخَلَهَا، فَتَكُونُ عَلَى المُؤْمِنِينَ بَرْدًا وسَلاَمًا، كَمَا كَانَتْ عَلَى إِبْرَاهِيم، حَتَّى إنَّ لِلنَّارِ ضَجِيجًا مِنْ بَرْدِهِمْ " وإن فسرنا الورود بالمرور، فنجاتهم بالمرور عليها والسلامة من الوقوع فيها، ﴿ونذَرُ الظالمين فيها جِثيًّا﴾ : باركين على ركبهم، قال ابن زيد : الجثي شر الجلوس، لا يجلس الرجل جاثيًا إلا عند كرب ينزل به. هـ.
٢٤٢