وقال الترمذي الحكيم : يجوز الأولياء والصديقون وهم لا يشعرون بالنار، قال الله تعالى :﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا الْحُسْنَىا أُوْلَـائِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾ [الأنبياء : ١٠١]، وإنما بَعُدوا عنها لأن النور احتملهم واحتوشهم، فهم يمضون في النار، حتى إذا خرجوا منها قال بعضهم لبعض : أليس قد وُعدنا النار، فذكر ما تقدم. ثم قال : فأما ضجة النار فمن بردهم، وذلك أن الرحمة باردة تطفئ غضب الرب، فبالرحمة نالوا النور، حتى أشرق في قلوبهم وصدورهم، فكان نوره في قلوبهم، والرحمة مظلة عليهم، فخمدت النار من بردهم عندما لقُوهَا، فضجت من أجل أنها خلقت منتقمة، فخافت أن تضعف عن الانتقام. ولذلك رُوي أنها تقول :" جُزْ يا مؤمن فقد أطفأ نورُك لهبي ". هـ.
وقال الورتجبي : إذا كان جمال الحق مصحوبهم، فلا بأس بالوقوف في النيران، فإن هناك أهل الجنان.
إذا نزلت سلمى بواد فماؤها
زلال وسَلسال وسيحانها وِرْدُ
.. هـ.
٢٤٣
وقال جعفر الصادق : لولا مقاربة النفوس ما دخل أحد النار، فلما فارقتهم نفوسهم أوردهم النار بأجمعهم، فمَنْ كان أشد إعراضًا عن خبث النفس كان أسرع نجاة من النار، ألا ترى الله يقول :﴿ثم نُنجي الذين اتقوا﴾. هـ. قلت : وقد تقدم أن من لا حساب عليهم - وهم المقربون - يمرون على الصراط ولا يحسون به، وهم الذين يمرون عليه كالطير أو كالبرق، جعلنا الله منهم بمنِّه وكرمه، وبجاه خير الخلق مولانا محمد نبيه وحبه، آمين.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٤٠
قلت :﴿هم أحسن﴾ : صفة لِكَمْ.