﴿فسيعلمون﴾ حينئذ ﴿مَن هو شرٌّ مكانًا﴾ من الفريقين، بأن يشاهدوا الأمر على عكس ما كانوا يُقدّرون، فيعلمون أنهم شر مكانًا، لا خير مقامًا، ﴿و﴾ يعلمون أنهم ﴿أضعفُ جندًا﴾ أي : جماعة وأنصارًا، لا أحسن نَدِيًّا، كما كانوا يدعونه، وليس المراد أن لهم يوم القيامة جندًا سيَضعف، وما كان له من فئة ينصرونه من دون الله، وإنما ذكر ذلك ردًّا لما كانوا يزعمون أن لهم أعوانًا وأنصارًا، يفتخرون في الأندية والمحافل، فردَّ ذلك بأنه باطل وظل آفل، ليس تحته طائل.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٤٥
ثم ذكر فريق أهل الإيمان فقال :﴿ويزيدُ اللهُ الذينَ اهتدوا هُدَىً﴾ أي : كما يمد لأهل الضلالة ؛ زيادة في ضلالهم، كذلك يزاد في هداية أهل الهداية ؛ ثوابًا على طاعتهم ؛ لأن كلا يجزي بوصفه، فلا تزال الهداية تنمو في قلوبهم حتى يردوا موارد الكرم، أمَّا في الدنيا فبكشف الحجاب وانقشاع السحاب حتى يشاهدوا رب الأرباب، فما كانوا يؤمنون به غيبًا صار عيانًا، وأمَّا في الآخرة فبنعيم الحور والقصور، ورؤية الحليم الغفور. فقد بيَّن الحق تعالى حال المهتدين إثر بيان حال الضالين، وأن إمهال الكافر وتمتيعه بالحظوظ ليس لفضله، وإن منع المؤمن من تلك الحظوظ ليس لنقصه، بل قوم
٢٤٦
عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا الفانية، وقوم ادخرت لهم طيباتهم للحياة الباقية، قال تعالى :﴿والباقياتُ الصالحاتُ﴾ ؛ كأنواع الطاعات، ﴿خيرٌ عند ربك﴾ ؛ لبقاء فوائدها ودوام عوائدها... وقد تقدم تفسيرها.


الصفحة التالية
Icon