أي : عقدة كائنة من عُقد لساني، ﴿يفقهوا قولي﴾ أي : إن تحلل عقدة لساني يفقهوا قولي. ﴿واجعل لي وزيرًا﴾ أي : مُعينًا ومُقويًا ﴿مِنْ أهلي هارونَ أخي﴾ ؛ ليعينني على تحمل ما كلفتني به من أعباء التبليغ. ﴿أُشدد به أزري﴾ أي : قِّ به ظهري، ﴿وأَشركه في أمري﴾ ؛ واجعله شريكاً لي في أمر الرسالة، حتى نتعاون على أدائها كما ينبغي، ﴿كي نُسبحك كثيرًا﴾، هو غاية للأدعية الثلاثة الأخيرة، من قوله :﴿واجعل لي وزيرًا...﴾ الخ، ولا شك أن الاجتماع على العبادة والذكر سبب في دوامهما وتكثيرهما. وفي الحديث :" يد الله مع الجماعة "، ولذلك ورد الترغيب في الاجتماع على الذكر : والجمع في الصلاة ؛ ليقوى الضعيف بالقوي، والكسلان بالنشيط، وقيل : المراد بكثرة التسبيح والذكر ما يكون منها في تضاعيف أداء الرسالة ودعوة المردة العتاة، لأنه هو الذي يختلف في حالتي التعدد والانفراد، فإن كُلاًّ منهما يصدر منه، بتأييد الآخر، من إظهار الحق، ما لا يصدر منه حال الانفراد. والأول أظهر.
و ﴿كثيرًا﴾ : وصف لمصدر أو زمن محذوف، أي : ننزهك عما لا يليق بجلالك وجمالك، تنزيهًا كثيرًا، أو زمنًا كثيرًا، ومن جملة ذلك : ما يدعيه فرعونُ الطاغية، وتقبله منه الفئة الباغية من ادعاء الشرك في الألوهية. ﴿ونذكُرَك﴾ ؛ بأن نصِفك بما يليق بك من صفات الكمال، ذكرًا ﴿كثيرًا إِنكَ كنت بنا بَصِيرًا﴾ أي : عالمًا بأحوالنا، وبأن ما دعوناك به مما يصلحنا ويقوينا على ما كلفتنا من أداء الرسالة، و ﴿بنا﴾ : متعلق ببصيرًا. والله تعالى أعلم.