يقول الحقّ جلّ جلاله : حاكيًا عن السحرة، لمَّا خوفهم فرعونُ :﴿قالوا﴾ غير مكترثين بوعيده :﴿لن نُؤْثِرَكَ﴾ أي : لن نختارك، باتباعك ﴿على ما جاءنا﴾ من الله تعالى على يد موسى عليه السلام ﴿من البينات﴾ أي : المعجزات الظاهرة ؛ لأن ما ظهر من العصا كان مشتملاً على معجزات جمة، كما تقدم. ﴿والذي فَطَرَنَا﴾ : خلقنا وخلق سائر المخلوقات، أي : لن نختارك على ما ظهر لنا من دلائل صحة نبوة موسى، ولا على الذي خلقنا، حتى نتبعك ونترك الحق، وكان ما شاهدوه آية حسية، وهذه آية عقلية. وإيراده بعنوان فاطريته تعالى ؛ للإشعار بعِلِّية الحكم، فإن خالقيته تعالى لهم ولفرعون - وهو من جملة مخلوقاته - مما يوجب عدم إيثارهم له عليه سبحانه، أو : وحق الذي فطرنا لا نؤثرك على ما جاءنا، ﴿فاقض ما أنت قاضٍ﴾ أي : فاصنع ما أنت صانعه، أو : فاحكم ما أنت حاكمه. وهو جواب لقوله :﴿لأقطعن أيديكم...﴾ الخ. ﴿إنما تقضي هذه الحياةَ الدنيا﴾ أي : إنما تصنع ما تهواه، أو تحكم ما تراه في هذه الحياة الدنيا الفانية، ولا رغبة لنا في البقاء فيها، رغبة في سكنى الدار الدائمة، بسبب موتنا على الإيمان.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٩٠