غضبي} بفعل شيء من ذلك، أي : ينزل ويجب، من حَلَّ الدين ؛ إذا وجب. ﴿ومَن يَحْلِلْ عليه غضبي فقد هَوَى﴾ أي : تردَّى وهلك، أو وقع في المهاوي.
﴿
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٩٥
وإِني لغفارٌ﴾
أي : كثير الغفران ﴿لمن تابَ﴾ عن الشرك والمعاصي، التي من جملتها الطغيان فميا ذكر، ﴿وآمن﴾ بما يجب الإيمان به، ﴿وعَمِلَ صالحًا﴾ أي : عملاً صالحًا مستقيمًا عند الشرع، وفيه ترغيب وحث لمن وقع في زلَّة أو طغيان على التوبة والإيمان، ﴿ثم اهتدى﴾ أي : استقام على الهدى ودام عليها حتى مات. وفيه إشارة إلى أن من لم يستمر عليها بمعزل عن الغفران. قال الكواشي :﴿ثم اهتدى﴾ أي : علم أن ذلك بتوفيق من الله تعالى. هـ.
الإشارة : إذا ذهبت عن العبد أيام المحن، وجاءت له أيام المنن، فينبغي له أن يتذكر ما سلف له من المحن، وينظر ما هو فيه الآن من المنن، ليزداد شكرًا وتواضعًا، فتزداد نعمه، وتتواتر عليه الخيرات. وأما إن نسي أيام المحن، ولم يشكر ما هو فيه من المنن، فحقيق أن تزول عنه، ويرجع إلى ما كان عليه. وتَذَكَّرْ حديث الأبرص والأقرع والأعمى، حسبما في الصحيح. فإن الأبرص والأقرع، حين شفاها الله وأغناهما، أنكرا ما كانا عليه، فرجعا إلى ما كانا عليه، والأعمى حين أقر بما كان عليه، وشكر الحال الذي حال إليه، دامت نعمته وكثر خيره. فالشكر قيد الموجود وصيد المفقود. فيقال لأهل النعم، إن قاموا بشكرها : كُلوا من طيبات ما رزقناكم، ولا تطغوا فيه، بأن تصرفوه في غير محله، أو تمنعوه عن مستحقه، ﴿فيحلَّ عليكم غضبي...﴾ الآية.
وقوله تعالى :﴿وإِني لغفار لمن تاب...﴾ الخ، قال القشيري :﴿وإني لغفار لمن تاب﴾ من الزَّلَّة ﴿وآمن﴾ فلم يَرَ أعماله من نَفْسه، بل جميع الحوادث من الحقِّ، ﴿وعمل صالحًا﴾ فلم يُخِلّ بالفرائض، ﴿ثم اهتدى﴾ للسُّنَّةِ والجماعة، وقال أيضًا : ثم اهتدى بنا إلينا. هـ.


الصفحة التالية
Icon