الإشارة : ينبغي لرئيس القوم، إذا كان في سفر، أن يكون وسَطهم، أو سائقًا لهم، ولا يتقدمهم أو يستعجل لأمر عنهم، فإن التأني كله من الله، والعَجَلة كلها من الشيطان، والخير كله في الاجتماع مع الضعفاء والمساكين، حتى يكون كأحدهم، فإن فارقهم، لأمر مهم، فليستخلف عليهم من يثق به في دينه، وليكن اعتماده في ذلك على ربه، ونظره كله إلى رعايته وحفظه. قال الكواشي : عن ابن عطاء : أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام : أتدري من أين أُتيت ؟ - يعني في فتنة قومه - قال : لا يا رب، قال : حين قلت لهارون : اخلفني في قومي، أين كنتُ أنا حين اعتمدتَ على هارون ؟. هـ.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٩٦
فكل فتنة أو ضلال يُصيب الفقراء، فإنما ذلك من عدم الاجتماع مع أهل الفن، أو قلة الاستماع لهم، فإن أصابتهم فتنة الأسباب، والركون إلى شيء من الدنيا في غيبة الشيخ، فليرجع إليهم غضبان أسفًا، وليقل لهم : ألم يعدكم ربكم وعدًا حسنًا، وهو الفتح الكبير لو صبرتم على السير والتجريد، أفطال عليكم العهد، فقد كانت الرجال تمكث في خدمة الأشياخ العشرين والثلاثين سنة، أم أردتم أن يحل عليكم
٢٩٩
غضب من ربكم، بالإبعاد وإسْدَال الحجاب، حيث خالفتم عهود أشياخكم، فإن اعتذروا فليقبل عذرهم، وإن ركنوا إلى عبادة شيء من عجل الدنيا فليخرجه من أيديهم، وليقل : وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفًا، لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفًا. وبالله التوفيق.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٩٦
قلت :﴿ألا يرجع﴾ :" أن " مخففة، لأنَّ الناصبة لا تقع بعد أفعال اليقين، ومن قرأ بالنصب جعل الرؤية بصرية.


الصفحة التالية
Icon