قلت :﴿وكذلك﴾ : عطف على قوله :﴿كذلك نقصّ﴾، و " ذلك " : إشارة إلى إنزال ما سبق من الآيات المتضمنة للوعيد، المنبئة عما سيقع من أهوال يوم القيامة.
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿وكذلك﴾ أي : ومثل ذلك الإنزال المتقدم، ﴿أنزلناه﴾ أي : القرآن كله، وإضماره، من غير سبقية ذكره ؛ للإيذان بنباهة شأنه، وكونه مركوزًا في العقول، حاضرًا في الأذهان، حال كونه :﴿قرآنًا عربيًّا﴾ ؛ ليفهمه العرب، ويقفوا على ما فيه من النظم المعجز، الدال على كونه خارجًا عن طوق البشر، نازلاً من عند خلاّق القوى والقُدَر. ﴿وصرَّفْنا فيه من الوعيد﴾ أي : كررنا فيه بعض الوعيد، أو من جنس
٣١٠
الوعيد، ﴿لعلهم يتقون﴾ أي كي يتقوا الكفر والمعاصي بالفعل، ﴿أو يُحْدِثُ لهم ذِكْرًا﴾ ؛ اتعاظًا واعتبارًا يؤديهم إلى الارتقاء، ﴿فتعالى الله﴾ أي : تعاظم شأنه عما يصفه الكفرة، وتهاون العصاة، الذين لم يُحدث فيهم القرآن زجرًا ولا وعظًا، أي : ارتفع بذاته وتنزه عن مماثلة المخلوقين في ذاته وصفاته وأفعاله، ﴿الملكُ﴾ لها، النافذ أمره ونهيه، الحقيق بأن يُرجى وعده، ويُخشى وعيده، ﴿الحقُّ﴾ في ألوهيته لذاته، أو الثابت الذي لا يمكن عدمه، أزلاً وأبدًا.


الصفحة التالية
Icon