قال الورتجبي : ونحشره يوم القيامة أعمى، يعني : جاهلاً بوجود الحق، كما كان جاهلاً في الدنيا، كما قال عليّ - كرم الله وجهه - : من لم يعرف الله في الدنيا لا يعرفه في الآخرة. وقيل : عن رؤية أوليائه وأصفيائه. هـ. وقال القشيري : في الخبر :" مَنْ كان بحالة لقي الله بها " فَمن كان في الدنيا أعمى القلب، يُحشرُ على حالته، يعيش على ما جهل، ويُحشر على ما جهل، ولذلك يقولون :﴿من بعثنا من مرقدنا﴾ ؟ إلى أنْ تصيرْ معارفُهم ضرورية، كما يَتركون التَدبُّرَ في آياتهِ يُتركون غدًا في العقوبة من غير رحمةٍ على ضعفِ حالاتهم. هـ.
وكذلك نجزي من أسرف بالعكوف على شهواته، واغتنام أوقات لذاته، حتى انقضت أيام عمره في البطالة، نجزيه غم الحجاب والبعد عن حضرة الأحباب، حيث لم يصدق بوجود آيات ربه ؛ وهم الدعاة إلى الله. ولعذاب حجاب الآخرة أشد وأبقى ؛ لدوامه واتصاله، نعوذ بالله من غم الحجاب وسوء الحساب، والتخلف عن حضرة الأحباب. وبالله التوفيق.
٣١٨
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣١١
قلت :﴿أفلم﴾ الهمزة للإنكار التوبيخي، والفاء للعطف على محذوف، أي : أغْفَلوا فلم يهد لهم. وعدى الهداية باللام لتضمنها معنى التبيين، والفاعل مضمونُ ﴿كم أهلكنا﴾، أي : أفلم يُبين لهم مآل أمرهم كثرة إهلاكنا للقرون الأولى ؟ وقيل : الفاعل ضمير عائد إلى الله. و ﴿كم…﴾ الخ : مُعلق للفعل سد مسد مفعوله. أي : أفلم يُبين الله لهم كثرة إهلاك القرون من قبلهم ؟ والأوجه : أنْ لا يُلاحظ له مفعول، كأنه قيل : أفلم يفعل الله لهم الهداية، ثم قيل بطريق الالتفات : كم أهلكنا… الخ ؛ بيانًا لتلك الهداية. و ﴿مِنَ القُرون﴾ : في محل نصب، نعت لمفعول محذوف، أي : قرنًا كائنًا من القرون.


الصفحة التالية
Icon