ثم قرر انتفاء اللعب واللهو عنه، فقال :﴿لو أردنا أن نتخذ لهوًا﴾ أي : ما يلهى به ويلعَب، ﴿لاتَّخذناه من لدُنَّا﴾ أي : من أنفسنا ؛ لعلمنا بحقائق الأشياء، واستغنائنا عن جلب المصالح ودرء المفاسد. والمعنى : لو أردنا أن نخلق شيئًا، لا لتحصيل مصلحة لكم، ولا لدرء مفسدة عنكم، لفعلنا ذلك في أنفسنا ؛ بأن نخلق عوالم ومظاهر عارية عن الحكمة والمصلحة ؛ لأنا أحق منكم بالاستغناء عما يجلب المصلحة ويدرأ المفسدة، لكن من عادتنا ربط الأسباب بمسبباتها، وأنا لم نخلق شيئًا عبثًا، بل خلقنا كل نوع من النبات والحيوانات والجمادات ؛ لمصلحة ومنفعة، عَلِمها، من عَلِمها وجَهِلَها من جَهِلَها، فحصل من هذا نفي التحسين والتقبيح ؛ عقلاً، بهذه الشرطية، وإثباته سمعًا.
٣٣٣
أو :﴿لاتخذناه من لدُنَّا﴾ مما يليق بشأننا من المجردات، لا من الأجسام المرفوعة والأجرام الموضوعة، كعادة الجبابرة ؛ مِنْ رفع العروش وتحسينها، وتمهيد الفرش وتزيينها، لأغراض عِراض، لكن يستحيل إرادتنا لذلك ؛ لمنافاته للحكمة الإلهية المنزهة عن الأغراض. هـ. من أبي السعود، وأصله للزمخشري. وفيه تكلف.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٣٣