لأنه فرض تقدير، وفيه من الدلالة على قوة ملكوته تعالى، وعزة جبروته، واستحالة كون الملائكة بحيث يتوهم في حقهم ما توهمه أولئك الكفرة، ما لا يخفى، ﴿كذلك نجزي الظالمين﴾ أي : مثل ذلك الجزاء الفظيع نجزي الظالمين، الذين يضعون الأشياء في غير مواضعها، ويتعدون أطوارهم. قال الكواشي : هذا القول وارد على سبيل التهديد والوعيد الشديد على ارتكاب الشرك، كقوله :﴿وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ [الأنعَام : ٨٨]. هـ. فالقصد : تفظيع أمر الشرك، وأنه لو صدر ممن صدر لأحبط عمله، وكان جزاء صاحبه جهنم، ومثل ذلك الجزاء نجزي الظالمين، وهم الكافرون، والحاصل : أنه على سبيل الفرض، مع علمه تعالى أنه لا يكون من الملائكة، فهو من إخباره عما لا يكون كيف يكون، لعلمه بما لا يكون، مما جاز أن يكون، كيف يكون. هـ. من الحاشية الفاسية ببعض اختصار.
فالكاف من " كذلك " : في محل مصدر تشبيهي، مؤكد لمضمون ما قبله. والقصر، المستفاد من التقديم للمصدر، معتبر بالنسبة إلى النقصان دون الزيادة، أي : لا جزاء أنقص منه. والله تعالى أعلم.