وقوله تعالى :﴿لعلهم يهتدون﴾ أي : إلى البلاد المقصودة بتلك السبل، أو إلى مصالحهم ومهماتهم. ﴿وجعلنا السماء سقفًا محفوظًا﴾ من السقوط، كقوله :﴿وَيُمْسِكُ السَّمَآءَ أَن تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ﴾ [الحَجّ : ٦٥]، أو من الفساد والانحلال إلى الوقت المعلوم، أو من استراق السمع بالشهب، كما قال :﴿وَحِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ﴾ [الصَّافات : ٧]. ﴿وهم﴾ أي : الكفار ﴿عن آياتها﴾ أي : عن الأدلة التي فيها، كالشمس والقمر والنجوم، وغير ذلك مما فيها من العجائب الدالة على وحدانيته تعالى وقدرته وحكمته، التي بعضها محسوس، وبعضها معلوم بالبحث في علمي الطبيعة والهيئة، ﴿مُعْرِضُون﴾ لا يتدبرون فيها، فيقفون على ما هم عليه من الكفر والضلال، فيؤمنون.
﴿
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٤١
وهو الذي خلق الليلَ﴾
لتسكنوا فيه، ﴿والنهارَ﴾ لتتصرفوا فيه، ﴿والشمسَ﴾ لتكون سراجَ النهار، ﴿والقمرَ﴾ ليكون سراج الليل، وهذا بيان لبعض تلك الآيات التي هم عنها معرضون. وقوله :﴿كلٌّ﴾ أي : كلهم، والمراد : جنس الطوالع، ﴿في فَلكٍ يَسْبَحُون﴾ أي : يسيرون سير العائم في الماء. عن ابن عباس رضي الله عنه : الفلك السماء، وقيل : موج مكفوف تحت السماء، يجري فيه الشمس والقمر والنجوم. وجمهور
٣٤٢
أهل الهيئة أن الفلك : جسم مستدير، وأنهن تسعة، وهل هي السماوات السبع، فيكون الكرسي ثامنًا، والعرش تاسعًا، أو غيرهن، فتكون تحت السماوات أو فوقها ؟ قولان لهم. والمراد هنا : الجنس، كقولك : كَسَاهُمُ الأميرُ حلةٌ، أي : حُلة حُلةً، وجعل الضمير واو العقلاء ؛ لأن السباحة حالُهم.


الصفحة التالية
Icon