به الناس، أو شرفًا لمن عمل به، وتخصيص المتقين بالذكر ؛ لأنهم المستضيئُون بأنواره، المغتنمون لمغانم آثاره، أو ذكر ما يحتاجون إليه من الشرائع والأحكام، ودخلت الواو في الصفات، كقوله تعالى ﴿وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً﴾ [آل عِمرَان : ٣٩]، وتقول : مررت بزيد الكريم والعالم والصالح.
ثم وصف المتقين أو مدحهم بقوله :﴿الذين يخشَون ربهم﴾، حال كونهم ﴿بالغيب﴾ أي : يخافون عذابه تعالى، وهو غائب عنهم غيرُ مشاهَدٍ لهم، ففيه تعريض بالكفرة، حيث لا يتأثرون بالإنذار ما لم يُشاهدوا ما أنذروه. أو يخافون الله في الخلاء كما يخافونه بين الناس، أو يخافونه بمجرد الإيمان به غير مشاهدين له، ﴿وهُمْ من الساعة مشفقون﴾ أي : خائفون معتنون بالتأهي لها. وتخصيص إشفاقهم منها بالذكر، بعد وصفهم بالخشية على الإطلاق ؛ للإيذان بكونها أعظم المخلوقات، وللتنصيص على الاتصاف بضد ما اتصف به الكفرة الغافلون عنها، وإيثار الجملة الاسمية ؛ للدلالة على ثبات الإشفاق ودوامه لهم.


الصفحة التالية
Icon