﴿وعلّمناه صنعةَ لَبُوسٍ﴾ أي : صنعة الدروع. واللبوس لغة في اللباس، والمراد : الدرع، ﴿لكم﴾ أي : نافع لكم، ﴿ليُحْصِنَكُم﴾ أي : اللبوس، أو داود. وقرئ بالتأنيث، أي : الصنعة، أو اللبوس بتأويل الدرع. وقرئ بنون العظمة، أي : الله تعالى، وهو بدل اشتمال من " لكم ". وقوله :﴿من بأسكم﴾ أي : من حرب عدوكم، أو من وقع السلاح فيكم، ﴿فهل أنتم شاكرون﴾ الله على ذلك ؟ وهو استفهام بمعنى الأمر ؛ للمبالغة والتقريع.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٦٥
ثم ذكر ما اختص به سليمان عليه السلام فقال :﴿ولسليمان الريحَ﴾ أي : وسخرنا له الريح. وإيراد اللام هنا، دون الأولى ؛ للدلالة على ما بين التسخيرين من التفاوت، فإن تسخير ما سخر لسليمان عليه السلام كان بطريق الانقياد الكلي والامتثال لأمره ونهيه، بخلاف تسخير الجبال، لم يكن بهذه المثابة، بل بطريق التبعية والاقتداء. حال كون الريح ﴿عاصفةً﴾ شديدة الهبوب، من حيث إنها كانت تقطع مسافة بعيدة في مدة يسيرة، وكانت رُخاء في نفسها، طيبة، وقيل : كانت رُخاء تارة، وعاصفة أخرى، على حسب ما أراد منها. أو رُخاء في ذهابه وعاصفة في رجوعه ؛ لأن عادة المسافرين : الإسراع في الرجوع، أو عاصفة إذا رفعت البساط ورخاء إذا جرت به.


الصفحة التالية
Icon