الإشارة : قوله تعالى :﴿ففهمناها سليمان﴾، قال الورتجبي : بيَّن، سبحانه، أن الفضل متعلق بفضله، لا يتعلق بالصغر والكبر والشيخوخة والاكتساب والتعلم، إنما الفهم تعريف الله أحكام ربوبيته بنور هدايته، وإبراز لطائف علومه الغيبية، فحيث يظهر ذلك فهناك مواضع الفهوم من العلوم، فهو سبحانه منَّ على سليمان بعلمه، ولم يمنّ عليه بشيء خارج عن نفسه ؛ من الملك، والحدثان أفضل من العلم ؛ فإنَّ العلم صفة من صفاته تعالى، فلمَّا جعله متصفًا بصفاته منَّ عليه بجلال كبريائه. هـ. وقال في قوله :﴿وكُلاًّ آتينا حُكمًا وعلمًا﴾ : حُكمًا ؛ معرفة بالربوبية، وعلمًا بالعبودية. هـ.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٦٥
وقوله تعالى :﴿وسخرنا مع داود الجبال...﴾ الخ. ﴿ولسليمان الريح...﴾ الآية، لمّا كانا - عليهما السلام - مع المُكَوِّنِ كانت الأكوان معهما، " أنت مع الأكوان ما لم تشهد المكون، فإذا شهدته كانت الأكوان معك "، وذكر في القوت : أن سليمان عليه السلام لبس ذات يوم قميصًا رفيعًا جديدًا، ثم ركب البساط، وحملته الريح، فبينما هو يسير إذ نظر إلى عطفه نظرةً، فأنزلته الريح، فقال : لِم أنزلتني ولم آمرك ؟ ! فقالت : نطيعك إذا أطعت الله، ونعصيك إذا عَصَيْتَه. فاستغفر وحملته. هـ بالمعنى. والله تعالى أعلم.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٦٥
يقول الحقّ جلّ جلاله :﴿و﴾ اذكر خبر ﴿أيوبَ﴾ عليه السلام ﴿إِذْ نادى ربَّه﴾ : دعاه :﴿إني﴾ أي : بأني ﴿مسَّنيَ الضرُّ﴾ وهو بالضم : ما يصيب النفس من مرض وهزال، وبالفتح : الضرر في كل شيء، ﴿وأنت أرحمُ الراحمين﴾، تلطف في السؤال ؛ حيث ذكر نفسَه بما يوجب الرحمة، وذكر ربه بغاية الرحمة، ولم يصرح بالمطلوب ؛ من كمال أدبه، فكأنه قال : أنت أهل أن تَرحم، وأيوب أهل أن يُرحَم، فارحمه، واكشف
٣٦٨


الصفحة التالية
Icon