ذاك، يحك قروحه، ويتردد الدود في جسده، فقال لها : أنا إله الأرض الذي صنعتُ بصاحبك ما صنعت ؛ لأنه عبد إله السماء وتركني، فلو سجد لي سجدة واحدة لرددت لكما ما كان لكما. وقال وهب : قال لها : لو أكل طعامًا ولم يسمّ عليه لعُوفيَ من البلاء، فأخبرت أيوب، فقال : أتاك عدوُ الله ليفتنك عن دينك، ثم أقسم، إن عافه الله، ليضربنها مائة ضربة. ثم حلف لا يأكل لها طعامًا، فبقي مهملاً لا يأتي إليه أحد، وقال عند ذلك :﴿مسّني الضر﴾ من طمع إبليس في سجودي له، ﴿وأنت أرحم الراحمين﴾، فقيل له :﴿اركض برجلك﴾ فركض، فنبعت عين ماء، فاغتسل منها، فلم يبق من دائه شيء، وسقطت الدود من جسده، وعاد شبابه وجماله. ثم ضرب برجله فنبعت عين أخرى، فشرب منها، فلم يبق في جوفه داء إلا خرج، وكانت امرأته " رحمة " حين حلف، تركته مدة، ثم ندمت وعادت، فوجدته في أحسن هيئة، فلم تعرفه، فقالت له : أين الرجل المبتلى الذي كان هنا ؟ قال : أنا هو، شفاني الله، ثم عرفته بضحكه، فتعانقا، ثم أمره الله تعالى أن يأخذ جماعة من القضبان فيضربها ضربة واحدة ليبرّ في يمينه. هـ.
قلت : تسليط الشيطان على بشرية الأنبياء الظاهرة : جائز وواقع. وأما الأمراض المنفرة، فإن كانت بعد التبليغ وتقرير الشرائع، فجائز عند بعضهم، وهو الصواب، جمعًا بين ما ثبت في الأخبار عن السلف وبين الدلائل العقلية في تنزيه الأنبياء - عليهم السلام -، لأن العلة هي تنفير الخلق عنهم، وبَعْد التبليغ فلا يضر، وقد ورد أن شُعيبًا عليه السلام عَمى في آخر عمره، وكذلك يعقوب، وكان بعد تبليغ الرسالة، فلم يضر.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٦٨


الصفحة التالية
Icon