وقال الورتجبي : سُئل الجنيد عن قوله :﴿مسّني الضر﴾، فقال عرّفه فاقة السؤال، ليمنّ عليه بكرم النوال، وفي الحديث المروي عن النبي ﷺ : أنه جاء إليه رجل فسأله عن قول أيوب ﴿مسّني الضر﴾ فبكى - عليه الصلاة والسلام - وقال : والذي بعثني بالحق نبيًا ما شكى فقرًا نزل من ربه، ولكن كان في بلائه سبع سنين وسبعة أشهر وسبعة أيام وسبع ساعات، فلما كان في بعض الساعات وثب ليُصلي، فلم يستطع النهوض، فقال :﴿مسني الضر﴾ الخ. ثم قال :- عليه الصلاة والسلام - : أكل الدود عامة جسده حتى بقي عظامًا نخرة، فكادت الشمس تطلع من قُبله وتخرج من دُبره، وما بقي إلا قلبه ولسانه، وكان قلبه لا يخلو من ذكر الله، ولسانه لا يخلو من ثنائه على ربه، فلما أحب الله له الفرج، بعث إليه الدودتين ؛ إحداهما إلى لسانه والأخرى إلى قلبه، فقال : يا رب ما بقي إلا هاتان الجارحتان، أذكرك بهما، فأقبلت هاتان الدودتان إليهما ليشغلاني عنك ويطلعان على سري، مسني الضر وأنت أرحم الراحمين. هـ.
وفي قوله تعالى :﴿رحمة من عندنا وذكرى للعابدين﴾ : تسلية لمن أصيب بشيء من هذه التعرفات الجلالية، وقد تقدم في أول الإشارة الكلام على هذا. والله تعالى أعلم.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٦٨