وقال الزجاج : المعنى : وحرام على قرية، أردنا إهلاكها، أن يُتَقَبَّلَ منهم عمل ؛ لأنهم لا يرجعون، أي : لا يتوبون، ويجوز حمل المفتوحة على هذا بحذف اللام، ويستمرون على ما هم عليه من الهلاك، أو : فليستمر امتناعهم من الرجوع.
﴿
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٨٠
حتى إذا فُتحت يأجوجُ ومأجوج﴾
ونُفخ في الصور، وقامت القيامة، فيرجعون، ولا ينفعهم الرجوع. ويأجوج ومأجوج قبيلتان، يقال : الناس عشرة أجزاء، تسعة منها يأجوج ومأجوج. والمراد بفتحها : فتح سدها، على حذف مضاف ؛ أي : حتى إذا فُتح سد يأجوج ومأجوج، ﴿وهم﴾ أي : يأجوج ومأجوج، وقيل : الناس بعد البعث، ﴿من كل حَدَبٍ﴾ أي : نشز ومرتفع من الأرض، ﴿يَنسِلُونَ﴾ : يسرعون، وأصل النسل : مقاربة الخطو مع الإسراع. ويدل على عَود الضمير ليأجوج ومأجوج : قوله - عليه الصلاة والسلام - :" ويفتح ردم يأجوج ومأجوج، فيخرجون على الناس، كما قال الله تعالى :﴿من كل حدب ينسلون...﴾ " الحديث، ويؤيد إعادتَه على الناس قراءة مجاهد :" من كل جدث " ؛ بالجيم، وهو القبر.
٣٨١
ثم قال تعالى :﴿واقتربَ الوعدُ الحقُّ﴾ أي : ما بعد النفخة الثانية من البعث والحساب، ﴿فإِذا هي شاخصةٌ﴾ أي : فإذا القصة أو الشأن، وهو ﴿أبصارُ الذين كفروا﴾ شاخصة، أي : مرتفعة الأجفان، لا تكاد تطرق من شدة الهول، حال كونهم يقولون :﴿يا ويلنا﴾ ؛ يا هلكتنا، هذا أوانك، فاحضري، ﴿قد كُنَّا في غفلةٍ﴾ تامة ﴿من هذا﴾ الذي دهَمنا ؛ من البعث، والرجوع إليه تعالى، للجزاء، ولم تعلم، حيث نُبِّهْنَا عليه بالآيات والنُذر، أنه حق، ﴿بل كنا ظالمين﴾ بتلك الآيات والنذر، مُكذبين بها، أو ظالمين أنفسنا ؛ بتعريضها للعذاب المخلد. وهو إضراب عما قبله، من وصف أنفسهم بالغفلة، أي : لم نكن غافلين عنه، حيث نُبِّهْنَا عليه بالآيات والنذر، بل كنا ظالمين بتكذيبهم، والله تعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon