قال في الحاشية الفاسية : والظاهر أن حديث :" لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله "، مفسر للآية، وموافق لوعدها. قيل : وهذه الطائفة مُفْتَرَقَةً من أنواع المؤمنين، ممن فيه عائدة على الدين ونفع له ؛ من شجعان مقاتلين، وفقهاء ومحدِّثين، وزهاد وصالحين، وناهين وآمرين بالمعروف. هـ. قلت : وعارفين متمكنين، علماء بالله ربانيين. ثم قال : وغير ذلك من أنواع أهل الحسنى، ولا يلزم اجتماعهم، بل يكونون متفرقين في أقطار. هـ. قلت " : وفيه نظر ؛ لأن مراد الآية الأمة كلها، كما قال القشيري، ومراد الحديث بعضها، فلا يليق أن يكون تفسيرًا لها، وهي أعم منه. وقيل : المراد بالأرض : أرض الشام، وقيل : أرض الجنة.
ثم قال تعالى :﴿إِنَّ في هذا﴾ أي : ما ذكر في السورة الكريمة من الأخبار والمواعظ البالغة، والوعد والوعيد، والبراهين القاطعة الدالة على التوحيد وصحة النبوة، ﴿لبلاغًا﴾ أي : كفاية، أو سبب بلوغ إلى البغية، من رضوان الله تعالى، ومحبته، وجزيل ثوابه، فمن تبع القرآن وعمل به، وصل إلى ما يرجو من الثواب العظيم، فالقرآن زادُ
٣٨٧
الجنة كبلاغ المسافر، فهو بلاغ وزاد ﴿لقومٍ عابدين﴾ أي : لقومٍ همتُهُم العبادة دون العادة. وبالله التوفيق.