الإشارة : قال الشيخ أبو العباس المرسي رضي الله عنه : الأنبياء - عليهم السلام - خُلقوا من الرحمة، ونبينا ﷺ هو عين الرحمة، قال تعالى :﴿وما أرسلناك إِلا رحمة للعالمين﴾. هـ. وقال أيضًا : الأنبياء - عليهم السلام - لأممهم صدقة، ونبينا ﷺ لنا هدية. قال ﷺ :" وأنا النعمة المهداة "، فالصدقة للفقراء، والهدية للكبراء. ثم إن غاية الرحمة : الوصول إلى التوحيد الخاص ؛ لأنه سبب الزلفى من الله والاختصاص، ولذلك أمره به، بعد أن جعله رحمة، فقال :﴿قل إنما يُوحى إليَّ أنما إلهكم إله واحد...﴾ الخ. فمن أعرض عنه فقد أوذن بالبُعد والطرد. ولعل تأخير العقوبة عنه، في الدنيا، استدراج ومتاع إلى حين.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٨٨
ثم إن الصارف عن الدخول إلى التوحيد الخاص - وهو توحيد العيان - : القواطع الأربع : النفس، والشيطان، والدنيا، والهوى. زاد بعضهم : الناس - أي : عوام الناس، فإذا حكم الله بين العبد وبين هذه القواطع، وصل إلى صريح المعرفة. ﴿قل ربِّ احكم بالحق﴾ ؛ أي : احكم بيني وبين عدوي بحكمك الحق، حتى تدفعه عني وتدمغَهُ، ﴿وربنا الرحمن المستعان﴾ به ﴿على ما تصفون﴾ من التعويق والتشغيب. والله المستعان، وعليه أتوكل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
٣٩٠
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٨٨