﴿وهُدُوا إِلى الطيب من القول﴾، وهو كلمة التوحيد : لا إله إلا الله أو : الحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، بدليل قوله :﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ [فَاطِر : ١٠]. ﴿وهُدُوا إِلى صراط الحميد﴾ أي : المحمود، وهو الإسلام. أو : ألهمهم اللهُ في الآخرة أن يقولوا : الحمد لله الذي صدقنا وعده، وهداهم فيها إلى طريق الجنة. وقيل : إلى طريق الوصول إلى الله العزيز الحميد، والله تعالى أعلم.
الإشارة : قد اختصم أهل الظاهر مع أهل الباطن في شأن الربوبية، فقال أهل الظاهر : الحق تعالى لا يُرى في دار الدنيا، ولا تُمكن معرفته، إلا من جهة الدليل والبرهان، على طريق الإيمان بالغيب. وقال أهل الباطن من أكابر الصوفية : الحق تعالى يُرى في هذه الدار، كما يرى في تلك الدار، من طريق العرفان، على نعت الشهود والعيان، لكن ذلك بعد موت النفوس وحط الرؤوس لأهل التربية النبوية، فلا يزال يحاذيه ويسير به، حتى يقول : ها أنت وربك، فحينئذ تشرق عليه شموسُ العرفان، فتُغطى عنه وجود حس الأكوان، فلا يرى حينئذ إلا المكون، حتى لو كُلف أن يرى غيره لم يستطع ؛ إذ لا غير معه حتى يشهده.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٠٤
وقال بعضهم :(مُحال أن تشهده، وتشهد معه سواه). وفي مناجاة الحكم العطائية :" إلهي، كيف يُسْتَدَلُّ عليك بما هو في وجوده مفتقر إليك ؟ أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك، حتى يكون هو المظهر لك ؟ متى غِبْتَ، حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك ؟ !
٤٠٦


الصفحة التالية
Icon