قلت :﴿وعلى كل ضامر﴾ : حال معطوفة على حال، أي : يأتوك حال كونهم رجالاً وركبانًا. و ﴿يأتين﴾ : صفة لكل ضامر ؛ لأنه في معنى الجمع. وقرأ عبد الله :" يأتون "، صفة لرجال. و ﴿رجال﴾ : جمع راجل ؛ كقائم وقيام.
يقول الحقّ جل جلاله : لإبراهيم عليه السلام :﴿وأذِّن في الناس بالحج﴾ أي : نادِ فيهم ليحجوا. رُوي : أنه عليه السلام صعد أبا قبيس، فقال : يا أيها الناس، حجوا بيت ربكم، فأسمعه الله تعالى الأرواح، فأجاب من قُدِّر له أن يحج من الأصلاب والأرحام بلبيك اللهم لبيك. ﴿يأتوك﴾ إن أذنت ﴿رجالاً﴾ أي : مشاةً ﴿و﴾ ركبانًا ﴿على كل ضامر﴾ أي : بعير مهزول، أتعبه بُعدُ الشُقة، فهزّله، أو زاد هزاله. وقدّم الرجال على الركبان ؛ لفضيلة المشاة، كما ورد في الحديث ﴿يأتين﴾ تلك الضوامر بركبانها، ﴿من كل فج﴾ ؛ طريق ﴿عميق﴾ ؛ بعيد. قال محمد بن ياسين : قال لي شيخٌ في الطواف : من أين أنت ؟ فقلت : من خُراسان. فقال : كم بينك وبين البيت ؟ فقلت : مسيرة شهرين أو ثلاثة. قال : فأنتم جيران البيت. فقلتُ : وأنت من أين سَعيت ؟ فقال : من مسيرة خمس سنوات، وخرجت وأنا شاب، فاكتهلت. فقلت : هذه واللهِ هي الطاعة الجميلة، والمحبة الصادقة، فضحك. وقال :
زُرْ مَن هَوَيْتَ وإن شطتْ بِكَ الدارُ
وحالَ من دُونه حُجُبٌ وأستارُ
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٠٩
لا يَمْنََعَنَّكَ بُعْدٌ عنْ زِيارته
إنَّ المُحب لمنْ يهواه زوَّارُ


الصفحة التالية
Icon