واختلف : هل يُجْبِرُ السيدُ عَبْدَهُ عليها، أم لا ؟ قولان في المذهب. ونزلت الآية بسبب حُوَيْطب بن عبد العُزَّى، سأل مولاه أن يكاتبه، فأبى عليه. وحكمها عام، فأمر الله سادات العبيد أن يُكاتبوهم إذا طلبوا الكتابة. والكتابة : أن يقول لمملوكه : كاتبتك على كذا، فإن أدى ذلك عُتِقَ، ومعناه : كتبت لك على نفسي أن تُعْتَقَ مني إذا وَفَّيْتَ المال، وكتبتَ لي على نفسك أن تفي بذلك. وتجوز حَالَّةً، وتسمى : القطاعة، ومُنَجَّمَةً وَغَيْرَ مُنَجَّمَةٍ.
وقوله تعالى :﴿إنْ علمتمْ فيهم خيراً﴾، أي : قدرة على الكسب، وأمانة وديانة، والنَّدْبِيَّةُ متعلقة بهذا الشرط، فالخير هنا : القوة على الأداء بأي وجه كان، وقيل : هو المال الذي يؤدي منه كتابته، من غير أن يسأل أموال الناس، وقيل : الصلاح في الدين.
﴿
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٧١
وآتوهم من مال الله الذي آتاكم﴾، هذا أمر بإعانَةِ المكاتب على كتابته، واخْتُلِف : مَنِ المُخَاطَبُ بذلك ؟ فقيل : هو خطاب للناس أجمعين، وقيل : للولاة، والأمر على هذين القولين للندب، وقيل : للسادات المُكَاتِبينَ، وهو على هذا القول، ندب عند مالك، ووجوب عند الشافعي. فإن كان الأمر للناس، فالمعنى : أن يعطوهم صدقة من أموالهم، وإن كان للولاة : فيعطوهم من الزكوات أو من بيت المال، وإن كان للسادات فَيَحُطُّوا عنهم من كتابتهم، وقيل : يعطوهم من أموالهم، من غير الكتابة، وعلى القول بالحط من الكتابة اختلف في مقدار ما يُحَطُّ، فقيل : الربع، وروي ذلك عن رسول الله ﷺ، وقيل الثلث، وقال مالك : لا حد قي ذلك، بل أقل ما يطلق عليه شيء، إلا أن الشافعي يجبره على ذلك، ولا يجبره مالك. وزمان الحط عنه في آخر الكتابة عند مالك، وقيل : في أول نَجْمٍ. قاله ابن جزي.