وعن بعض الملوك : أنه سأل عن آية كافية، فتُليت عليه هذه الآية. وهي جامعة لأسباب الفوز. قال القرطبي : ذكر أسلم : أن عمر بينما هو قائم في مسجده ﷺ فإذا رجل من دهاقين الروم قائم على رأسه، وهو يقول : أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، فقال له عمر : ما شأنك ؟ قال : أسلمت، قال : ألهذا سبب ؟ قال : نعم ؛ إني قرأت التوراة والزبور والإنجيل، وكثيراً من كتب الأنبياء، فسمعت أسيراً يقرأ آية من القرآن، جمع فيها كل ما في الكتب المتقدمة، فعلمت أنه من عند الله، فأسلمت. قال : ما هذه الآية ؟ قال قوله تعالى :﴿ومن يُطع الله﴾ في الفرائض، ﴿ورسولَه﴾ في السنن، ﴿ويَخْشَ الله﴾ فيما مضى من عمره، ﴿ويتَّقه﴾ فيما بقي، ﴿فاولئك هم الفائزون﴾ ؛ والفائز : من نجا من النار واُدْخِل الجنة، فقال عمر : قال النبي ﷺ :" أُعطيتُ جوامع الكلم " هـ. والله تعالى أعلم.
٩١
الإشارة : إنما كان قول المؤمنين الكاملين، الطالبين الوصول إلى حضرة رب العالمين، إذا دُعوا إلى حضرة الله ورسوله ؛ ليحكم بينهم وبين نفوسهم التي حجبتهم حتى يغيبوا عنها، أن يقولوا : سمعنا وأطعنا، ويدخلوا تحت تربية المشايخ، فإذا أمروهم أو نهوهم، قالوا : سمعنا وأطعنا، وأولئك هم المفلحون الفائزون بالوصول إلى الله تعالى.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٩١
ومن يطع الله في أمره ونهيه، ورسوله في سنَّته، وما رغَّب فيه، ويخش الله أن يعاتبه، أو يؤدبه، ويتقه، أي : يجعل وقاية بينه وبيْن ما يحجبه أو يبعده عنه، فأولئك هم الفائزون الظافرون بمعرفة الله على نعت الشهود والعيان. وبالله التوفيق.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٩١