﴿ولا على أنفسكم﴾ أي : لا حرج عليكم ﴿أن تأكلوا من بيوتكم﴾ أي : البيت الذي فيه أهل بيتكم ؛ أزواجكم وعيالكم، فإذا كان للزوجة أو للولد هناك شيء منسوب إليهما فلا بأس للرجل بأكله ؛ لأن الزوجين صارا كنفس واحدة، فصار بيت المرأة بيت الزوج. وقيل : المراد ببيوتكم : بيوت أولادكم، فجعل بيوت أولادهم بيوتهم ؛ لأن ولد الرجل من كسبه، وماله كمالِه، لقوله عليه الصلاة والسلام :" أنت ومالك لأبيك "، ولذلك لم يذكر الأولاد في الآية ؛ لاندراجهم في بيوتكم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٠٠
ولا حرج عليكم أيضاً أن تأكلوا من ﴿بيوت آبائكم أو بيوتِ أمهاتكم أو بيوتِ إخوانكم﴾ الذكور ﴿أو بيوت أَخَواتكم﴾ النساء، ﴿أو بيوت أعمامكم أو بيوت عمَّاتكم أو بيوتِ أخوالكم أو بيوت خالاتكم﴾ ؛ لأن الإذن من هؤلاء ثابت ؛ دلالة. واختلف العلماء في إباحة الأكل من هذه البيوت المذكورة، فقيل : إنه منسوخ وإنه لا يجوز الأكل من بيت أحد إلا بإذنه، والناسخ :﴿وَلاَ تَأْكُلُوااْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ [البقرة : ١٨٨]، وقوله عليه الصلاة والسلام- :" لاَيَحِلُّ مَالُ امْرِىءٍ مسلم إلا عن طِيبِ نَفْسٍ " وقيل : محكمة ومعناها : إذا أذنوا في ذلك، وقيل : ولو بغير إذن، والتحقيق : هو التفصيل : فمن عُلم منه طيب نفسه وفرحُه بذلك ؛ بقرينةٍ : حَلَّ أَكْلُ مَالِهِ، ومَنْ لاَ ؛ فلا.
١٠٠
﴿أو ما ملكتم مَّفَاتحه﴾ قال ابن عباس : وهو وكيل الرجل وقيّمه في ضَيْعَتِهِ وماشيته، له أن يأكل من ثمرة ضيعته، ويشرب مِنْ لبن ماشيته. والمراد بملك المفاتيح : كَوْنُها في يده وتحت حَوْزِهِ. وقيّده ابن العربي بما إذا لم تكن له أجرة، وإن كانت له أجرة على فعله حَرُمَ، يعني : إلا إذا علم طيب نَفْسٍ صاحبه ؛ فيدخل في الصديق. وقيل : أريد به بيت عَبْدهِ ؛ لأن العبد وما في يده لمولاه.