يقول الحق جل جلاله :﴿فَإِذَا دخلتم بيوتاً﴾ من البيوت المذكورة أو غيرها بعد الإذن، ﴿فسَلّمُوا على أنفسكم﴾ أي : فابدأوا بالسلام على أهلها، الذين هم منكم، الذين هم بمنزلة أنفسكم ؛ لما بينكم وبينهم من القرابة الدينية أو النَّسَبِيَّةِ. أو بيوتاً فارغة، أو مسجداً، بأن تقولوا : السلام عليكم، أو السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، إن كانت خاوية. ﴿تحيةً﴾، مَنْ نَصَبَ فعلى المصدر لِسلِّمُوا ؛ لأنها في معنى تسليماً، ﴿من عند الله﴾ أي : بأمره مشروعه من لدنه، أو لأنها طلب للسلامة، وهي بيد الله، ﴿مباركةً﴾ : مستتبعة لزيادة الخير والثواب ودوامهما، ﴿طيبةً﴾ : تطيب بها نفس المستمع.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٠٠
وعن أنس رضي الله عنه أنه - عليه الصلاة والسلام - قال :" من لقيت أحداً من أمتي فسلم عليه، يَطُلْ عُمْرُكَ. وإذا دخلت بيتك فسلم عليهم يكْثُرُ خَيْرُ بَيْتِك، وصل صلاة الضحى فإنها صلاة الأبرار الأوابين ". ﴿كذلك يُبين الله لكم الآيات﴾، تكرير ؛ لتأكيد الأحكام المختتمة وتفخيمها، ﴿لعلكم تعقلون﴾ : لكي تعقلوا ما في تضاعيفها من الشرائع والأحكام، وتعملوا بموجبها، فتفوزوا بسعادة الدارين. والله تعالى أعلم.
الإشارة : السلام على النفس : هو طلب الأمان لها ومنها، فإذا سَلِمَت النفس من موجات الغضب من الله، سَلِمَ صاحبها منها، قال القشيري : السلامُ : الأمانُ، فسبيل المؤمن إذا دخل بيتاً أن يُسلِّمَ مِنَ الله على نَفْسه، يعني : بأن يقول السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وأن يطلب السلامة والأمان من الله تعالى، لِتسْلَمَ نَفْسُه من الإقدام على ما لا يرضي الله، إذ لا يحل لمُسلم أن يفْتُرَ لحظة عن الاستجارة بالله، بأن لا يرفع
١٠٢
عنه ظل عصمته بإدامة حِفظهِ من الاتصاف بمكروه الشرع. هـ.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٠٠


الصفحة التالية
Icon